لماذا يستمر التوسع في زراعة القات؟
منذ 2 سنوات
صنعاء – الحسين اليزيدي :تتزايد أشجار القات في مزرعة همام بدر بمحافظة عمران، شمالي اليمن، وتتراجع زراعة المحاصيل الأخرى مثل القمح والبقوليات
لا يأخذ القات وقتًا طويلًا حتى يحين قطافه، ويجد بدر ربحًا مريحًا طوال السنة من هذه النبتة
عندما يزرع بدر محاصيل القمح والبقوليات، سيحتاج إلى تسويقها بطريقة مناسبة، وهذا الأمر، بالنسبة له، ليس يسيرًا
لكنه يرى أن القات يمكن بيعه سريعًا وتسويقه بسهولة
يقول بدر لـ”المشاهد”: “القات يسوق نفسه دون عناء ولا تكلفة”
في ظل تدني الاهتمام الحكومي بالقطاع الزراعي، وغياب الاستراتيجات التسويقية الفعالة، يتوجه العديد من المزراعين بمحافظتي الجوف وعمران، إلى التوسع في زراعة القات في المساحات الزراعية التي كانت مخصصة سابقًا لزراعة القمح والذرة الشامية
هذه الظاهرة تفاقم أزمة الأمن الغذائي في اليمن، وتزيد من استنزاف المياه بالطرق العشوائية
خير الله مطر، مزارع من محافظة الجوف اليمنية، يقول لـ”المشاهد” إن مزارعي القمح بدأوا بالتوجه لزراعة القات بدلًا من القمح، بسبب اللامبالاة من الجهات الرسمية والوعود التي لا تُنفذ بشأن دعم المزارعين، وضعف التسويق لمحاصيل القمح
يشير المزارع مطر إلى أن المزارعين تعرضوا للغش من قبل المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب التي زودتهم ببذور رديئة، مؤكدًا أن “المزارعين في الموسم الماضي قبلوا شراء البذور بأسعار غالية وبعبوة ناقصة، والتزمت المؤسسة بتوفير الأسمدة والمبيدات، لكنها لم تنفذ ما تعهدت به، وفوق ذلك وزعت بذورًا مخلوطة من أصناف متنوعة وحاملة لأنواع الأمراض التي لم تكن موجودة في مزارعنا من قبل”
استنزاف المياهتوجه العديد من المزارعين في محافظة حجة إلى التوسع في زراعة القات، وحفروا الآبار العشوائية التي وصلت في إحدى مناطق المحافظة إلى سبعة آبار في مساحة أقل من نصف كيلومتر مربع
يقول أحد مزارعي القات في محافظة حجة، إن توفر المياه من البئر الارتوازية التي يمتلكها، جعله يتوسع بزراعة مساحات واسعة، تقدر بعشرات الأمتار
يرغب هذا المزارع في تحسين وضعه المادي، لكنه يعترف أن زراعة هذه النبتة تستنزف كميات كبيرة من المياه
تشير دراسة إلى أن عدد أشجار القات المزروعة في اليمن وصل إلى قرابة 350 مليون شجرة حتى 2019، يتركز أغلبها في محافظات صنعاء وعمران وحجة، وأن المساحة المزروعة تجاوزت الـ167 ألف هكتار
ويبلغ الإنفاق السنوي على القات نحو 12 مليار دولار، بحسب تقديرات حكومية
سنويًا، تستهلك شجرة القات في اليمن أكثر من 800 مليون متر مكعب من المياه، حيث يُروى الهكتار الواحد بكمية تقديرية تصل إلى 6،279 مترًا مكعبًا، ويفوق استهلاك القمح بـ4،252 مترًا مكعبًا لكل هكتار، بحسب الدراسة
وبحسب البنك، فإن معدل توافر المياه للفرد في اليمن الأقل في المنطقة والعالم، إذ يبلغ نصيبه 80 مترًا مكعبًا في السنة، ويُعدّ منخفضًا جدًا مقارنةً بالمتوسط العالمي البالغ 2،500 متر مكعب، وبالمتوسط الإقليمي البالغ 1،000 متر مكعب
إجراء بحوث ودراسات زراعيةلجوء المزارعين للتوسع في زراعة القات دليل واضح على غياب دور الجهات المعنية وتعطل وظائفها في ما يخص دعم القطاع الزراعي في اليمن، بحسب الخبير الاقتصادي نبيل الشرعبي
يقول الشرعبي لـ”المشاهد” إن المزارعين يتوجهون لزراعة القات لأنهم يجدون العوائد المادية التي تمكنهم من تحقيق أرباح والعيش بكرامة، بينما زراعة الحبوب تكلفهم الكثير، وعند بيعها لا يستردون ما أنفقوه، الأمر الذي يسهم في تراجع جودة التربة الزراعية وتعطيل سياسة الاكتفاء الذاتي من الحبوب، واستمرار الاعتماد على الاستيراد لتوفير مادة القمح أو الحبوب بأنواعها
يقترح الشرعبي على الجهات المعنية القيام بدورها في إجراء البحوث والدراسات للأراضي لتحديد مدى تناسبها مع الأصناف الزراعية، وتنفيذ حملات توعية وإرشاد على الدوام لملاك الأراضي الزراعية، والتنسيق مع وزارة المالية وكاك بنك وغيره من البنوك لتوفير الاحتياجات التي يتطلبها القطاع الزراعي، وتقديم الضمانات الكافية للمزارعين بتحمل تسويق محاصيلهم وبما يحقق لهم استعادة ما أنفقوه، وتحقيق أرباح تساعدهم على توفير متطلبات حياتهم مع أسرهم
ويؤكد أن زراعة القات ليست حلًا لمشاكل المزارعين، وأن الأفضل لهم زراعة المحاصيل الزراعية، وتنظيم عملية زراعة الأصناف لتغطية احتياجات الأسواق دون إحداث كساد، لكن ذلك يبدو غير قابل للتطبيق في ظل غياب الدور الحكومي
بدر، المزارع الذي يقطف كميات كبيرة من القات ثلاث مرات سنويًا، لايزال يرى أن هذه النبتة هي الذهب الأخضر التي تجلب الأموال، ولا يمكن استبدالها دون دعم حقيقي واهتمام مستمر من الجهات الرسمية في اليمن
ليصلك كل جديدالاعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير