لماذا يعاني سكان صنعاء في موسم الأمطار؟

منذ 2 سنوات

صنعاء – محمد النمر:تفاجأ قاسم الطويل، 30 عامًا، قبل أسابيع، بتدفق السيل من الشارع إلى محل بيع الهواتف الذي يعمل فيه

أتلفت مياه السيل بعضًا من هواتفه، ولم يستطع التعامل مع تدفق الماء والحفاظ على محتويات المحل من التلف

يقول الطويل لـ”المشاهد”: “فاضت قنوات الصرف الصحي، وجاءت السيول من الجبال لتغرق شوارع صنعاء

الأضرار التي يتعرض لها العديد من أصحاب المحال التجارية في صنعاء، ليست جديدة، لكنها أكبر هذا العام نتيجة لغزارة الأمطار وغياب قنوات تصريف السيول”

كل عام، تتدفق السيول في شوارع صنعاء خلال موسم الأمطار الذي يمتد من أبريل حتى أغسطس، وتتسبب بخسائر بشرية ومادية كبيرة

ويعتقد مهندسون وخبراء أن التخطيط العشوائي في العاصمة هو السبب الأول لتراكم مياه السيول الجارفة التي تسبب أزمة كبيرة لسكان المدينة

عبدالله الغيلي، أمين عام نقابة المهندسين بصنعاء، يقول إن سبب الخراب الذي طال عددًا من أحياء صنعاء خلال موسم الأمطار الجاري، هو “عشوائية التخطيط”

يتحدث الغيلي  لـ”المشاهد”، قائلًا: “التخطيط القديم للشوارع والأنفاق والجسور والمنازل كان عشوائيًا، والسبب الرئيس للأضرار التي أحدثتها السيول، هو غياب مسؤولية الجهات المنفذة لمثل هكذا مشاريع”

يشير الغيلي إلى أن تنفيذ “مشروع السائلة” كان في الأساس حلًا “لتصريف السيول القادمة من خارج صنعاء، لكن أثبتت الأيام أن “السائلة” أصبحت مكانًا لتجميع المياه، حتى تمتلئ وتفيض وتصل إلى المنازل المجاورة لها، وعلى رأسها حارات صنعاء القديمة المُطِلّة على السائلة”

يقول الطويل إن العديد من المواطنين يعجزون في بعض المناطق بصنعاء عن الخروج من منازلهم، حيث تصبح بعض الأحياء والشوارع كأنها مستنقعات في موسم الأمطار

في يوليو من العام الماضي، قُتل 11 شخصا على الأقل، وأصيب آخرون، في العاصمة صنعاء ومحافظة ذمار، جراء السيول الجارفة والأمطار الغزيرة

بيوت في مجرى السيولحسين سالم، مواطن في صنعاء، يشكو أن منزله تعرض للغرق خلال الأسابيع الماضية، وكاد ينهار على رؤوس ساكنيه، لكنهم غادروا المنزل قبل وصول السيل

سالم يشعر بأنه ضحية لأنه اشترى أرضية المنزل التي تقع في ممر السيل، ولم يعلم آنذاك

العديد من المواطنين يعجزون في بعض المناطق بصنعاء عن الخروج من منازلهم، حيث تصبح بعض الأحياء والشوارع كأنها مستنقعات في موسم الأمطاريحيى مهدي، الخبير الهندسي، يقول لـ”المشاهد” إن البناء العشوائي المنتشر في كثير من أحياء صنعاء، أحد عوامل الأضرار الكارثية للسيول التي جرفت المساكن وأغرقت البعض، ويشير إلى أن كثيرًا من المواطنين لا يحرصون على التأكد أثناء شرائهم للأراضي التي يبنون عليها مساكنهم، من أنها واقعة في مجرى السيول أم لا

يضيف مهدي: “الكثير من المساكن الشعبية تم تنفيذها بطرق عشوائية، وتم الالتواء على الجهات الرسمية، وكذلك التحايل على الشوارع، وتضييقها، حتى إنهم لم ينتبهوا لفكرة مجرى السيول، وقد بنى كثيرون مساكنهم وسط ممرات السيول”

قبل أسابيع، كان فارس سام، 50 عامًا، يجلس مع أسرته في منزله الطيني بصنعاء، وجاء السيل فجأة في وقت العصر، ليحول المنزل إلى حطام

يقول سام لـ”المشاهد” إن ابنته قُتلت عندما انهار السقف، وتمكن بقية أفراد الأسرة من النجاة

ويضيف: “المياه كانت قد تعمقت داخل أساس المنزل، وعندما تشبع المنزل بالماء، انهار بدون إنذار”

في شهر مارس هذا العام، توفي خمسة أشخاص جراء انهيار مبنى قديم في حي هبرة شرقي العاصمة صنعاء، نتيجة الأمطار الغزيرة التي شهدتها المدينة

العديد من البيوت الطينية لم ترمم لسنوات، ما جعلها مهددة بالانهيار والسقوط، وتسكن العديد من الأسر في مثل هذه المساكن، في ظل  تردي الأوضاع المعيشية لملايين المواطنين

تراث مهددالمباني الأثرية والتاريخية، كما في صنعاء القديمة، ليست في مأمن من الأضرار التي تسببها السيول

تضررت بعض المنازل في أحياء صنعاء القديمة جراء الأمطار وتدفق السيول، خلال السنوات الماضية، وباتت المنازل التاريخية القديمة مهددة بالانهيار

صادق سعيد عثمان، خبير الآثار، يقول لـ”المشاهد”: هناك العديد من المخاطر المحدقة بالآثار اليمنية بصفة عامة، وآثار صنعاء بصفة خاصة، وتعد الأمطار والسيول من أكثر هذه المخاطر للمعالم الأثرية في ظل غياب الحلول الجذرية

تشكل السيول، بحسب عثمان، عامل هدم وطمس العديد من المعالم الأثرية، والإهمال الحاصل في وضع حل للسيول خطأ كبير قد ينتج عنه اختفاء معالم أثرية مهمة في صنعاء

ليصلك كل جديدالاعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير