مأساة يمنية في الهند: أسرة مكونة من 9 أفراد تعيش عشر سنوات من الجحيم بسبب هذخ المخالفة
منذ 7 ساعات
تُعاني أسرة يمنية مكوّنة من أب وأم وسبعة أطفال في ولاية مهاراشترا الهندية، من وضع إنساني وقانوني بالغ القسوة، بعدما تحوّلت مخالفة بسيطة لتأشيرة إقامة إلى مأساة مركبة تهدد حياتهم ومستقبل أبنائهم، في ظل غياب الحماية القنصلية اليمنية والتدخل الرسمي، واستمرار المضايقات الأمنية والإجراءات القضائية التعسفية بحقهم
المواطن اليمني خالد إبراهيم صالح الخضمي، المقيم منذ سنوات في الهند، وجد نفسه رفقة أسرته عالقًا في دوامة قضائية وأمنية بدأت عام 2016، عندما انتهت مدة إقامته بفارق عشرة أيام فقط أثناء تواجده في ولاية ماديا براديش، الأمر الذي اعتُبر مخالفة إدارية بسيطة كان يمكن تسويتها بسهولة، إلا أن المحكمة المحلية قررت إصدار حكم قاسٍ بحقه يقضي بسجنه ثلاث سنوات، دون النظر في ظروف العائلة أو نية المغادرة الطوعية
منذ ذلك الحين، لم تنتهِ معاناة الأسرة، بل بدأت مرحلة طويلة من الملاحقات والمضايقات، حيث التزم السيد خالد بحضور جميع جلسات المحكمة بانتظام، وقدم عدة طعون، وأظهر تعاونًا كاملاً مع الجهات الهندية، لكن القضية ظلت معلّقة لأكثر من عشر سنوات دون صدور حكم نهائي، في انتهاك واضح لمبادئ العدالة وحق الإنسان في المحاكمة العادلة، وهو ما أدخله وعائلته في حالة من الترقب والإجهاد النفسي المزمن
وفي فبراير من العام 2025، تفاقم الوضع بصورة دراماتيكية بعد تغيير بعض القيادات الأمنية في مناطق سكن العائلة، حيث داهمت قوة من أكثر من عشرين عنصرًا أمنيًا منزلهم دون أمر قضائي، وقامت بتفتيشه بطريقة وصفت بالعنيفة، وصادرت جميع أجهزتهم الإلكترونية ووثائقهم الرسمية، بما في ذلك جوازات السفر وشهادات التعليم
أدى هذا الاقتحام إلى صدمة شديدة للأطفال، وسبّب حالة انهيار نفسي للأم، تطورت لاحقًا إلى اضطرابات عصبية تحتاج إلى رعاية نفسية متخصصة لا تقدر الأسرة على تحمل كلفتها
بعد الاقتحام، تم احتجاز الأب في مركز شرطة أكل كوا لمدة أسبوع، خضع خلاله لاستجوابات مطولة حول أمور لا تمت بصلة للمخالفة الإدارية التي ارتكبها، قبل أن يُنقل إلى السجن المركزي في نندوربار، حيث أمضى 100 يومًا في ظروف احتجاز وُصفت بأنها غير إنسانية
ثم لم تمضِ فترة طويلة حتى جرى اعتقال الزوجة هي الأخرى، وتم احتجازها لمدة 21 يومًا في نفس السجن، رغم أنها أم لطفلة رضيعة، ما أدى إلى تدهور حالتها النفسية والصحية بشكل كبير، وسط غياب أي دعم طبي أو قانوني
أما الأطفال، فقد عاشوا لحظات مرعبة من العزلة والفزع، دون رعاية كافية، حيث وجدوا أنفسهم دون أي سند في غياب والديهم، وسط صمت من السلطات، ورفض من المجتمع المحلي للتعاطف معهم أو مد يد العون
وقد تسببت هذه الأحداث في اضطرابات سلوكية حادة لدى بعض الأطفال، وأثرت على استقرارهم النفسي والاجتماعي، خاصة في ظل استمرار حرمانهم من التعليم منذ عام 2016
وعلى الرغم من محاولات الأسرة تسجيل الأطفال في المدارس في السنوات الأخيرة، فإن الشرطة منعتهم من دخول امتحانات العام الدراسي 2024/2025، مما أدى إلى ضياع عام دراسي كامل، وفي يوليو 2025 تم رفض تسجيلهم مجددًا، وهو ما اعتبرته الأسرة استمرارًا لسياسة العقاب الجماعي والتمييز بحقهم
من الناحية المعيشية، تواجه الأسرة صعوبات هائلة في توفير أساسيات الحياة، حيث يُرفض تأجيرهم من قبل معظم الملاك بسبب عدم وجود تصريح إقامة رسمي، كما أنهم محرومون من الرعاية الصحية، وتعيش الأم حالة صحية ونفسية حرجة دون أي إمكانية لتلقي العلاج اللازم، بسبب رفض السلطات إشراكهم في برامج الدعم الحكومية
في تطور أخطر، تم طرح قضية الأسرة في برلمان ولاية مهاراشترا في 16 يوليو الجاري، حيث طالب أحد النواب باتخاذ إجراءات عقابية ضد العائلة والجامعة التي قدمت لهم دعمًا إنسانيًا، الأمر الذي أثار مخاوف حقيقية من تحول الملف إلى قضية سياسية وأمنية تُستخدم كأداة في صراعات داخلية لا علاقة للعائلة بها
ترافق ذلك مع تغطية إعلامية محلية منحازة، نشرت روايات مشوهة ومضخّمة ربطت الأسرة بسياقات أمنية لا تمتّ للواقع بصلة، مما زاد من المخاوف لدى الأسرة من إعادة الاعتقال أو الترحيل القسري في أي لحظة
ويؤكد السيد خالد الخضمي أن القضية تجاوزت منذ سنوات كونها مجرد مخالفة تأشيرة، لتتحوّل إلى ورقة تستخدم ضدهم بشكل ممنهج، وسط تجاهل شبه تام لمعاناتهم من قبل الجهات اليمنية المختصة، وخاصة السفارة اليمنية في الهند، التي لم تقم بأي دور يُذكر، لا في المتابعة القانونية ولا في توفير الدعم الإنساني
في ظل هذه الأوضاع المؤلمة، يوجه الخضمي مناشدة عاجلة إلى رئاسة مجلس القيادة الرئاسي اليمني، وعلى رأسها الدكتور رشاد العليمي، ووزارة الخارجية اليمنية، ومجلس النواب، وكل المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية، بما في ذلك الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، ومنظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، كما يطالب الإعلام اليمني الحر والضمير الوطني بالتحرك لتسليط الضوء على قضيته
وتتمثل مطالب العائلة في تمكينهم من المغادرة الآمنة إلى اليمن، ووقف جميع الإجراءات القانونية التعسفية بحقهم، وتوفير الحماية القنصلية والقانونية، إضافة إلى تمكين أطفالهم من استكمال تعليمهم، وتوفير الدعم النفسي والطبي للأم، ووقف استخدام قضيتهم في الصراعات السياسية أو الإعلامية
وفي ختام مناشدتهم، تقول العائلة: نحن لا نطلب اللجوء ولا المساعدات، فقط نطلب أن نُعامل بكرامة، وأن نحظى بفرصة للعودة الآمنة إلى وطننا، نطلب فقط الحق في الحياة، والتعليم، والعلاج، والحماية، مثل أي إنسان على وجه الأرض
وتعيش الأسرة اليوم على حافة الخطر، حيث لا تمر لحظة دون خوف من اقتحام أو اعتقال أو تهديد جديد، بينما تواصل طرق الأبواب المغلقة على أمل أن يستجيب أحد لندائها الإنساني قبل فوات الأوان