متى تتعافى السياحة في اليمن؟

منذ 2 سنوات

يتذكر عبد الله القيداني، 40 عامًا، مناظر السياح الأجانب  الذين كانوا  يأتون إلى اليمن قبل بدء الحرب التي اندلعت عام 2015، ويتذكر إقبالهم على شراء المجسمات وحـُلي الفضة والعقيق اليماني في صنعاء القديمة

 كان القيداني يعمل مرشدًا سياحيًا، وكان يحصل على دخل مادي جيد من مهنته في الإرشاد السياحي

يتحدث القيداني الإنجليزية والألمانية بطلاقة، لكنه أصبح عاطلاً عن العمل بعد أيام من نشوب الحرب

 بدأ القطاع السياحي يتراجع عقب أحداث العام 2011، ثم تحسّن في العام 2012، إذ وصل زوار اليمن من السياح الأجانب إلى  874 ألفًا و425 سائحًا خلال العام 2012، وكانت العائدات المالية قد ارتفعت خلال العام 2012 إلى 848 مليون دولار مقارنة بـ780 مليون دولار عام 2011، بحسب إحصائيات صادرة عن الحكومة اليمنية

جاءت الحرب الأهلية في عام 2015، وتسببت بدمار كبير لكل القطاعات، بما في ذلك السياحة

تعرض القطاع السياحي لخسائر فادحة طوال سنوات الحرب، حيث توقف قدوم السياح الأجانب، وتلاشت السياحة الداخلية، وتدمرت أو تضررت المزارات والمتنفسات السياحية في العديد من المحافظات اليمنية

 تمتلك اليمن مئات المزارات السياحية المدرجة على لائحة التراث العالمي لليونسكو وكذلك المناظر الخلابة كالبحار والينابيع والحمامات الكبريتية والجبال الساحرة والسدود، والشلالات والمحميات الطبيعية والحدائق والمنتزهات والمواقع الاثرية والمتاحف

 قبل حرب 2015 في اليمن، كان القطاع السياحي يواجه بعض التحديات، مثل الوضع الأمني غير المستقر في بعض المحافظات، إذ تعرض السياح للاختطاف من قبل مسلحين، ولم يطلقوا سراحهم إلا بعد أن تنفذ الدولة مطالبهم

لكن تلك التصرفات لم توقف وصول السياح إلى اليمن

 وبعد أن سيطرت جماعة الحوثي على صنعاء، ووسعت سيطرتها حتى وصلت الى مدينة عدن وتدخل التحالف العربي في الحرب في مارس 2015، توقفت معظم الأنشطة السياحية في اليمن وعملت أطراف النزاع على إلغاء المهرجانات السياحية كمهرجان صيف صنعاء ومهرجان المناصف في الحديدة، ووجد المواطنون صعوبة بالغة عند السفر إلى أماكن سياحية في مختلف المناطق اليمنية

تشير التقارير الصادرة عن وزارة السياحة بصنعاء إلى أن خسائر القطاع السياحي المباشرة وغير المباشرة منذ مارس 2015م وحتى مارس 2023، جراء العمليات العسكرية وغير العسكرية تقدر بأكثر من ثمانية مليارات دولار، حيث تم استهداف 473 موقعًا ومعلما أثريًا وتاريخيًا ومنشأة سياحية، بما في لك 25 مدينة تاريخية، و42 معلما أثريًا، و25 ضريحًا، و352 فندقًا، و81 مطعمًا و12 قاعة مناسبات، و28 متنزهًا وحديقة وثمانية مقاه

وتضيف التقارير أن التحالف العربي تسبب في إغلاق أكثر من 543 وكالة سياحة، بخسائر تقدر بمليار دولار، وتسريح 95 بالمائة من العاملين في قطاع السياحة يعولون أكثر من 500 ألف نسمة على مستوى المحافظات اليمنية

بالمقابل، تقول الحكومة اليمنية إن سيطرة الحوثي على صنعاء والعديد من المحافظات تسببت بخسائر كبيرة في القطاع السياحي، إذ تقدر تقارير حكومية أن خسائر قطاع السياحة وصلت إلى أكثر من 6 مليارات دولار،وأن أنقلاب الحوثيين تسبب في إغلاق نحو 400 وكالة سياحية، قدرت خسائرها بـ800 مليون دولار، في حين تسبب بتسريح نحو 95% من العاملين في القطاع السياحي

عبدالمنعم عبدالله، مرشد سياحي، يقول لـ”المشاهد” إن جميع أطراف النزاع في اليمن ساهمت في تدمير قطاع السياحة، ويرى أن طائرات التحالف بالفعل عملت على تدمير البنية التحتية للسياحة اليمنية من حدائق ومتنزهات ومواقع أثرية، كما أن إجراءات التحالف العربي في إغلاق مطارات صنعاء والحديدة وتعز فاقمت الأزمة التي يعاني منها القطاع السياحي في اليمن  يضيف: “عملت جماعة الحوثي أيضًا على تدمير السياحة من خلال تدمير المباني الأثرية، وإغلاق الطرق الرئيسية، وحصار بعض المحافظات كتعز والحديدة، وإغلاق عشرات الوكالات السياحية ومضاعفة الجبايات على الوكالات، ما أدى الى توقف عمل الكثير منها وتسريح موظفيها”

 في الثلاثة الأعوام الماضية، بدأت عائلات من صنعاء أثناء الأعياد بالسفر إلى مناظر طبيعية كسد سيان، وشلال بني مطر، ومنطقة بيت الكبش في صنعاء، وشلالات المشنة، ووادي بنا ووادي عنه في محافظة إب، ومحمية برع في محافظة الحديدة، لكن المواطن اليمني محمد ثوابه، 30 عامًا، يرى في حديثه مع “المشاهد”، أن تلك الأماكن تفتقر إلى الاهتمام اللازم من قبل وزارة السياحة بصنعاء

 خلال العامين الماضيين بدأت بعض الأنشطة لاستعادة النشاط السياحي في اليمن، من خلال عودة بعض المهرجانات المحلية في تعز والحديدة وحضرموت

يرى عباس فضل، عضو جمعية السياحة اليمنية، أن تطوير السياحة في اليمن لم يعُد مرهوناً بالحالة الأمنية التي يعيشها اليمنيون خاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، مشيرًا إلى أن عددًا من السياح الأجانب قاموا  في الأشهر الأخيرة بزيارة لمدن يمنية كسقطرى، وحضرموت وعدن وتعز

وفي تصريح سابق لـ “المشاهد”، أشار مدير عام مكتب السياحة في محافظة حضرموت، علي السقاف إلى أن سبب تزايد عدد السياح العرب والأجانب الوافدين لمحافظة حضرموت يرجع  إلى العمل في مطار سيئون الدولي، وهو المنفذ الجوي الذي لم يتوقف طوال فترة الحرب في اليمن، وكان له دور مهم في استمرار ولو نسبي للنشاط السياحي في وادي حضرموت، بخاصة مدينة سيئون

 وأضاف السقاف أن سبب تزايد أعداد السياح يعود إلى التسهيلات التي يقدمها مكتب السياحة لمزاولة النشاط السياحي، وتسهيل المعاملات مع الجهات المعنية كالشرطة السياحية، والصناعة والتجارة، والغرفة التجارية، والأشغال العامة

يرى الدكتور سمير العبدلي، وكيل وزارة السياحة، في حديثه لـ”المشاهد” أنه يجب على الحكومة اليمنية تشجيع استمرار المهرجانات والأنشطة والفعاليات السياحية خاصة في المناطق التي تشهد استقرارًا أمنيًا إلى حد ما، كما يجب تشجيع السياحة الداخلية وتشجيع  الفنانين ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي العرب والأجانب لزيارة اليمن، وتسهيل كل ما يتعلق بتلك الزيارات ودعمها

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير