محمد عبدالله الكميم : اليمن بين استعادة الصوت الدولي والتحدّي الأعظم: توحيد الصفوف وخارطة طريق ما بعد التحرير
منذ ساعة
محمد عبدالله الكميم لم يعد خافياً أن الملف اليمني عانى طويلاً من ضعف سياسي ودبلوماسي، ما سمح لمليشيا الحوثي بتسويق روايتها المضللة للعالم بأن الحرب مجرد صراع يمني–سعودي واستطاعت تمرير هذه السردية عبر نفوذها الناعم في اروقة المنظمات والمجتمع الدولي
ورغم اعتراف المجتمع الدولي بشرعية الحكومةوبدعم أشقائنا المملكة العربية السعودية،وامتلاكنا لقوة سياسية هائلة إلا ان غياب استثمار هذا الدعم وهذه القوة وفشل البعثات الدبلوماسية في تسويق مظلومية اليمنيين فتح المجال أمام الميليشيا لتقديم نفسها كضحية، وحول اجرامه الى مظلومية لصالحه لكن مع تولّي فخامة الرئيس د رشاد العليمي قيادة مجلس القيادة الرئاسي في ٧ ابريل ٢٠٢٢م ، تغيّرت المعادلة: بخبرته السياسية ورؤيته الحكيمة ومعرفته العميقة بتلك المليشيات، حيث أعاد تعريف القضية اليمنية أمام العالم بأنهما دولة وشعب يواجهان ميليشيا إرهابية تابعة لإيران
فمنذ أبريل ٢٠٢٢م ، بدأ اليمن يستعيد حضوره في المحافل الدولية بخطاب متزن ودبلوماسية هادئة، مدعومة بفريق عمل محترف
تفكيك التضليل الحوثيراني : لم يعد الحوثي قادراً على احتكار السرد، كُشفت ممارساته في المماطلة، وفُضحت حملاته الإعلامية التي حاولت تقديمه كضحية كما فُضح مموليه من دول الأقليم
قلب المعادلة :فمن مليشيات كانت تزعم محاربتها الإرهاب إلى ان اصبحت هي الارهابية وبتصنيف امريكي وإدانة دولية باعتبارها أداة لإيران لنشر الفوضى والعنف في المنطقة والإقليم والعالم
الالتزام بالسلام: الشرعية أكدت مراراً و استعدادها للحلول السياسية، فيما ظهر الحوثيراني كطرف متعنت يرفض أي تسوية
محطات محورية: زيارة العليمي إلى الولايات المتحدة وخطابه السنوي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ولقاءاته المتعددة في المحافل الدولية شكلا نقطة تحول في إعادة توضيح القضية اليمنية وكسب الدعم ضد الحوثيين
ولكن أين تكمن نقاط الضعف؟فبرغم هذه المكاسب، لا تزال هناك تحديات تهدد استدامتها:الخلافات الداخلية: الانقسامات والخلافات بين مكونات المجلس الرئاسي، شمالاً وجنوباً، تضعف صورة المجلس
غياب استكمال الدمج العسكري او على الاقل اعادة تنظيم القوات المسلحة : التشكيلات المسلحة لا تزال مشتتة، وذات مشاريع مختلفة ما يقلل ثقة المجتمع الدولي بالجاهزية لمرحلة ما بعد التحرير ، ويقلقها من دخول اليمن في صراعات عسكرية جديدة تعيد اليمن الى نقطة الصفر
تباينات التحالف العربي:تضارب المصالح الإقليمية يخلق فجوات وثغرات كبيرة يستفيد منها الحوثيراني ويسوق لهذا التباين داخلياً وخارجياً بسبب انعكاس ذلك التباين داخل بنية المجلس القيادي الرئاسي الأزمات الاقتصادية: انهيار الخدمات وغياب الإصلاحات العاجلة جعل الشرعية عرضة لانتقادات داخلية وخارجية
اذاً فالتحدّي الأكبر هو: توحيد الصفوف قولا وفعلاًالاختبار الحقيقي الآن داخلي، ويتمثل في القدرة على توحيد الصفوف وتصفير الخلافات و التزام صارم بوقف الصراعات المفاجئة والمعارك السياسية المرهقة وسرعة عمل سياسي وعسكري منظم
توحيد الصفوف يعني:١
دمج القوات والتشكيلات القتالية تحت قيادة موحدة وفق جدول زمني واضح
٢
آليات مصالحة سياسية واقعية لمستقبل اليمن السياسي قبل واثناء التحرير وبعده لتقليل فرص التصادم
٣
شفافية في القرارات الكبرى لكسب ثقة الداخل والخارج
٤
خارطة طريق واضحة لما بعد التحريرلن تكفي الخطابات لإقناع الداخل أو الخارج، بل آليات واجراءات واضحة تتناول:١
إدارة حقيقية للمدن المحررة مع ضمان الخدمات الأساسية
٢
ترتيبات أمنية وعسكرية مابعد التحرير شاملة تدمج المقاتلين والتشكيلات وتعيد بناء الأجهزة الأمنية في اطار مؤسستي وزارة الدفاع والداخلية ووفقا لدستور الجمهورية و لقانون الخدمة في القوات المسلحة والأمن ٣
آليات عدالة انتقالية تحاسب المجرمين وتعيد الثقة المجتمعية
٤
خطوات اقتصادية عاجلة وفاعلة تخلق فرصاً وتخفف معاناة الناس
٥
الشفافية والحوكمة وبناء مؤسسي حقيقي لمؤسسات الدولةومع كل نجاحات الشرعية ومع التحول من موقع الدفاع إلى موقع المبادرة، لكن ذلك وحده لا يكفي
فالتحدي الأكبر اليوم هو توحيد الصفوف قولا وفعلاً، تصفير الخلافات، ووضع خطة واضحة لمرحلة التحرير وما بعدها
دون ذلك، سيبقى الحضور الدولي مجرد نافذة مؤقتة، بينما الحقيقة على الأرض غير مؤهلة لاستيعاب النصر
أما إذا نجحت القيادة في تجاوز خلافاتها وبناء رؤية موحدة، فإن اليمن أمام فرصة تاريخية لاستعادة دولته، وبناء مستقبل أكثر استقراراً وسيادة
الشرعية استعادت صوتها دولياً، لكن بقاء هذا الصوت مرهون بتوحيد الصفوف وتصفير الخلافات قبل فوات الأوان