محمد عبدالله الكميم : تعز.. مدينة لا تُختصر بحزب، ولا تُحاصر بفكرة.
منذ 3 ساعات
محمد عبدالله الكميم فالأكثر تعصباً للمؤتمر من تعز، والأكثر تمسكاً بالإصلاح من تعز، والأكثر ولاءً للاشتراكي من تعز، والأكثر إخلاصاً للناصري من تعز، وحتى من شدّد في بعثيته أو وحدويته أو حتى في استقلاليته، كان من تعز
هي الساحات والمنصات التي اهتزت عام 2011 بصوتها
ومن رفع شعار قلع العداد كان من تعز، و في الضد من فازت بجائزة نوبل من تعز
وهي التي أنجبت خطباء ومفوهين لا يشق لهم غبار، ونخبة مثقفة متعلمة أضاءت بعلمها اليمن كله
تعز اليوم، أكثر من مليوني قلم على منصات التواصل، كلٌّ ينسج رأياً مختلفاً، حتى أولئك الذين ينتمون للحزب الواحد
تقرأ لهذا فتسحر ببيانه، وتقرأ لذاك فتجد نفسك أمام حجة صلبة تحاول أن تجرّك إلى قناعتها
وفي ميادين البطولة، تعز وقود لا ينضب:إن نهض أبناؤها أعجزوا من يقف في وجههم،وإن قعدوا لم يجرؤ أحد على زحزحتهم،وإن تحركوا عمّت حركتهم اليمن بأسره
تعز
إن اتفقت أو اختلفت، وقف اليمن كله على قدميه
وإن اختلف أبناؤها، فلا تحاول أن تدخل بينهم: لن تفرّقهم، وإن فعلت لفظوك، وإن سكتت أوجعوك
أنت الخاسر في كل الأحوال، كمن ولج حقلاً للألغام
ومع ذلك، يظل الأجمل أن أبناء تعز يشكلون ظاهرة صحية في جسد الوطن: قلب نابض، وعقل مفكر، ولسان بليغ، ووعي لا ينام
لقد تجلّى كل ذلك في قضية الشهيدة أفتهان؛قضية كشفت الزخم الهائل، والحضور الطاغي، والقدرة الهائلة على التأثير وصنع التغيير، كما أظهرت في الوقت نفسه حدة مؤلمة تحوّلت أحياناً إلى حالة استقطاب كبيرة أعادتنا إلى أجواء ٢٠١١م أو ٢٠١٤م، تلك السنوات العاصفة التي دفعت اليمن إلى هاوية خلافاتنا وتعصبنا للأحزاب على حساب الوطن
وفي المحصلة، فإن قضية الشهيدة العظيمة أفتهان كشفت لنا مكامن خلل عميقة ينبغي معالجتها بوعي ومهنية، بعيداً عن المكابرة والنزعة الاستحواذية التي يتعامل بها البعض مع تعز وكأنها إرثٌ يُوزع بين حزب أو قائد أو شيخ لمجرد أنه ناضل أو ضحى، فيظل يتقاضى ثمن ذلك ولو بالظلم والجبروت، بينما يُرمى من يعارضه بتهم الخيانة، ويُنفض غبار الماضي ليلصق به عار ألف عام
ومع ذلك، لا ينبغي أن يتحول هذا الزخم العظيم إلى مبرر لتفريق الصف أو ذريعة لمزيد من التجاذبات والانقسامات التي تُضعف معركتنا
بل على العكس: يجب أن تكون تعز الرافعة الأساسية لتوحيد الصف الجمهوري، صوناً للنسيج المجتمعي من التمزق، وتوجيهاً لكل الطاقات نحو المعركة الواحدة، معركة اليمن ووحدته ومستقبله