مخلفات البلاستيك.. مصدر دخلٍ لفقراء صنعاء

منذ 2 سنوات

صنعاء – خالد المكردي يجوب عبده علي، 60 عامًا، العديد من الشوارع والأزقة بأمانة العاصمة، ويجمع العلب والمواد البلاستيكية التي ترميها العوائل أو أصحاب المحلات أو المارة

يوميًا، قبل بزوع الشمس، ينطلق عبده مع كيس كبير لالتقاط أية قطعة بلاستيكية يجدها في طريقه، ولا يتوقف إلا عند الغروب

تلك هي المهنة التي يعتمد عليها لكسب المال وتوفير متطلبات المعيشة منذ أربع سنوات

في عام 2019، فقد عبده أسرته كاملة، وتهدم منزله إثر هطول أمطار غزيرة في العاصمة صنعاء، وكانت تلك الفاجعة السبب الذي حوّل حياته إلى جحيم

يقول عبده لـ«المشاهد» إنه ليس لديه شخص قريب يمكن أن يعتمد عليه لتوفير الاحتياجات الأساسية، ولهذا السبب لجأ إلى تجميع علب البلاستيك، وبيعها حتى لا يظل جائعًا

مضيفًا: “بعد تهدم منزلي وفقدان أسرتي، وجدت نفسي في العراء، أواجه ألم الفقدان، والجوع، والتشرد”

بعد أن أصبح عبده بلا مأوى، تدخّل شيخ من الحي الذي كان يسكن فيه، ووفر له سكنًا في بيته

يقول عبده: “كان الشيخ وأصحابه يرسلونني لشراء الماء والدخان والمشروبات الغازية أثناء المقيل في مجلس الشيخ

ولم أكن أحصل على مقابل مادي منهم سوى جمع العلب الفارغة التي يتركها ضيوف الشيخ، في الأكياس المخصصة لها ثم أذهب لبيعها”

يكسب عبده 150 ريالًا مقابل كل كيلو من العلب البلاستيكية، ويختلف حجم الكمية التي يجمعها من يوم لآخر

منذُ اشتعال الحرب في 2015، تدهور الاقتصاد اليمني، وارتفعت نسبة البطالة إلى نحو 60%، وهي النسبة الأعلى في المنطقة العربية، واعتبر البنك الدولي اليمن من أفقر البلدان في العالم، وأقلها نموًا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

عدد كبير من العمال فقدوا أعمالهم في ظل تراجع مشاريع البنية التحتية، والمشاريع التنموية الممولة بمنح أو قروض خارجية، وتراجع حضور الاستثمار الداخلي والخارجي في العديد من المحافظات اليمنية

مردود ضئيل أفضل من لا شيءتجميع العلب البلاستيكية الفارغة وبيعها ليس مظهرًا نادرًا في صنعاء، بل هناك الكثير أمثال عبده

في منطقة شميلة بصنعاء، يجول سعيد، 20 عامًا، في الأحياء والشوارع لجمع العلب البلاستيكية التي يصادفها في طريقه، حيث يصحو باكرًا كل يوم، ويقوم بنفس العمل

قبل ثلاثة أعوام، نزح سعيد وأخوه من الحديدة إلى صنعاء، وتركا المدرسة، ويعيشان حاليًا في دكان صغير بالكاد يتسع لهما

يدفعان إيجار 20 ألف ريال، ويتخذان من تجميع العلب البلاستيكية مصدرًا للدخل اليومي

يقول سعيد لـ«المشاهد» إن المردود الذي يحصلان عليه ضئيل، لكنهما يعتقدان أن ذلك أفضل من أن يبقيا بدون دخل

ويضيف: “أحسن يوم، نحصل على 2500 ريال، وأقل يوم 500 ريال، ويصل سعر الكيلو الواحد إلى 150 ريالًا”

ويشير إلى أن متعاطي القات يشربون عددًا كبيرًا من قنينات الماء والمشروبات الغازية، وهذا أمر يعود عليه بالفائدة

عمال النظافة يبحثون عن العلب البلاستيكيةيستلم عمال النظافة بصنعاء مبالغ مالية ضئيلة مقابل عملهم، الأمر الذي يدفعهم إلى الحرص على تحقيق المزيد من الدخل عن طريق جمع المواد القابلة للتدوير والبيع مثل العلب البلاستيكية

ينقسم عمال النظافة إلى قسمين: قسم مختص بكنس الشوارع الرئيسية وتنظيفها من المخلفات التي يرمى بها الناس في الشارع، مثل قشر الموز والرمان والبرتقال والأكياس البلاستيكية، وتزيد هذه المخلفات في الشوارع القريبة من الأسواق التي يكثر فيها الباعة المتجولين

والقسم الآخر يعملون على رفع القمامة من البراميل أو الأماكن المخصصة إلى السيارات الخاصة بتحميع القمام والمخلفات من الحارات ومن أمام المنازل

ويوجد في كل سيارة ثلاثة أشخاص، يحرصون على التأكد من محتوى أكياس القمامة، وتجميع المواد البلاستيكية التي يمكن بيعها

عامل نظافة في صنعاء، 30 عامًا، يقول لـ«المشاهد» إن كميات العلب البلاستيكية التي يحصلون عليها في أماكن تجميع القمامة تضاءلت لأن هناك العديد من الأشخاص الذين يعملون في تجميع المواد البلاستيكية وبيعها من أجل توفير لقمة العيش

ويضيف: “هناك أشخاص يقومون بفتح أكياس القمامة، بحثًا عن العلب البلاستيكية، لكنهم يتركونها مفتوحة في الشوارع، وهذا الأمر يصعّب علينا رفع تلك الأكياس”

يبدو تكدّس المخلفات البلاستيكية على أرصفة وشوارع صنعاء مشهدًا غير حضاري، لكن عبده يرى في تلك المخلفات مصدر دخل له وللكثير من أمثاله في بلاد تغرق في الفقر والصراع

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير