مخيمات النزوح.. الفرار من الحرب إلى ويلات الطقس

منذ 6 أشهر

مأرب – محمد العياشيتفاجئ الثلاثيني “جلال” من حديث طبيبة زوجته عن سبب وضع مولودها الثالث قبل موعده بشهرين؛ نتيجة الحرارة المرتفعة والطقس غير المستقر في خيمته التي يقطنها كنازح بضواحي مدينة مأرب

نزح “جلال” بمفرده من محافظة إب بعد عام من سيطرة جماعة الحوثي عليها، أواخر عام 2014، لتلحق به أسرته عام 2017، ويستقر في مخيم الجفينة غرب مدينة مأرب

السلطات المحلية سمحت للنازحين هناك منذ عام 2016 بنصب خيام وبناء بيوت طينية، وحاويات “كنتينر”، وقلة منهم حصلوا على خيام المنظمات، وبعد مرور ثماني سنوات، لم تستبدل هذه الخيام رغم اهترائها، كما لم تسمح السلطة المحلية بدخول أدوات البناء من “البُلُك” وغيره إلى المخيم

إهمال المنظماتمن جانبه، يشتكي “هاني” -نازح- من إهمال منظمة الهجرة لمخيم الجفينة، حيث لم تصرف أي خيمة، ويقول لـ«المشاهد»: “إن المنظمة مطلعة على أوضاع الخيام بشكل مباشر، وتحديدًا مربع 10 الذي أقطن فيه مع عائلتي”

“هاني” يشير إلى أنه منذ أن دخل المخيم لم يستلم أي خيمة، فقط “طربال” وحيد، وما زاد الطين بله أن المنظمة احتكرت المخيم ولم تسمح لأي منظمة غيرها بالدخول إليه وتقديم خدماتها

ويضيف: حاويتنا “الكنتيرة” متهالكة، ولولا ترقيعنا لها بالبطانيات والأقمشة لكان الوضع أكثر مأساوية، ففي الصيف نعاني من الحرارة العالية، وفي الشتاء تتدفق الأمطار إلى داخل الحاوية “الكنتيرة” بشكل دائم

ويواصل “هاني”: دفعنا ضريبة تأثير الحرارة العالية قبل أسبوع من الآن، حيث أسعفت “ابنتي” للمستوصف؛ بسبب تحسس جلدها من الحرارة داخل “الكنتيرة”؛ مما يؤثر بشكل كبير على وضعنا الصحي حسب تشخيص الأطباء

مخاطر جمّةوفي المربع المجاور، يشتكي الأربعيني “عبده صالح” من ذات المعضلة، ويشرح المعاناة المستمرة في كل عام بين فصلي الصيف والشتاء؛ بسبب الاهتراء شبه الكامل للخيام والحاويات التي يقطنها النازحون في المخيم

“صالح” من سكان وصاب بذمار، لجأ مع عائلته إلى المخيم بداية عام 2020، يقول لـ«المشاهد»: في الشتاء، المياه تدخل من كل اتجاه إلى “الكنتيرة” التي أقطن فيها، ولا نستطيع الجلوس فيها أبدًا

ويتابع: خطر الرياح أيضًا يمكن أن يتسبب بانهيار “الكنتيرة” فوق رؤوسنا، ففي هذه الحالة حتى الطبخ أو إشعال أي موقد ناري يشكل خطرًا كبيرًا على حياتنا، فمن الممكن ان تشتعل النيران في “الكنتيرة”

ويذكر “صالح” أن حوادث الحرائق حصلت بشكل متكرر في المخيم لنفس السبب خلال الشتاء الماضي؛ تسبب باشتعال النيران في مخيم الجفينة؛ مما يزيد الخوف لديه على نفسه وعائلته

سكان المخيم يشتكون إهمال المنظمات، حيث طالبوا وما زالوا بضرورة تبديل وتعويض الخيام المتهالكة وتلك التي حُرقت، ولكن لا يُقدم أي دعم من هذا القبيل، تحت مبرر أن الأسماء لم تنزل، وإذا نزلت يتم توزيع “طرابيل” فقط

نقص التمويلمن جهته يقول مدير مخيم الجفينة، ناصر العامري، إن الرد الدائم الذي نسمعه من المنظمات المعنية بدعم النازحين المتضررين من الرياح والأمطار والحريق هو “نقص التمويل”، رغم اهتراء أغلب الخيام، وبقائها كما هي منذ سنوات

ويضيف العامري في تصريح لـ«المشاهد» أن عدد الخيام يصل إلى 3500 خيمة، مع وجود 1500 “كنتينر”، و7000 منزل

ويشير إلى أنه ورغم الجهود المبذولة، فقد شهدت المخيمات حوادث مؤسفة، حيث احترقت 250 خيمة منذ تأسيس المخيم، بينما يتعرض ألفي منزل سنويًا لأضرار جزئية نتيجة الرياح والأمطار، و150 منزلًا لأضرار كلية

العامري لفت إلى أن المخيم شهد 70 حالة وفاة بسبب الحرائق والسيول والسقوط في “بيارات”، بالإضافة إلى 200 حالة إصابة

وعلى الرغم من هذه التحديات، استفادت 3000 أسرة من المأوى، حيث حصلوا على خيام أو مبالغ نقدية لتحسين سُبل المعيشة، بمعدل 250 ألف ريال لكل أسرة، بحسب العامري

وتابع: عدد الطرابيل المستخدمة في مواسم الأمطار والرياح بلغ تقريبًا 3000 طربال من عام 2016 حتى الآن

موضحًا أن النازحين مسموح لهم بالبناء في المخيم، بشرط التقيد بتوجيهات السلطات المحلية، في ظل الطبيعة المؤقتة للمخيم التي تمنع التملك؛ لهذا يُطلب من النازحين التقدير السليم للمخاطر

مستقبل المخيموعن مستقبل المخيم، تحدث العامري عن تحسن الخدمات المقدمة، بما في ذلك التعليم والصحة والمياه والكهرباء

وأشار إلى تنفيذ تدابير تحذيرية للنازحين من مخاطر السيول، لافتًا إلى وجود مشاريع لحماية المخيم، مثل بناء مصدات على مسافة 4 كيلومترات

وواصل: مع ذلك، يبقى تحسين المأوى موضوعًا رئيسيًا، موضحّا أن خطط الوحدة التنفيذية وشركاء العمل الإنساني تسعى لتحويل المأوى الطارئ إلى مأوى انتقالي، إلا أن التمويل الحالي لم يكن كافيًا لتلبية الاحتياجات المتزايدة نتيجة تزايد أعداد النازحين

في ختام حديثه، دعا العامري شركاء العمل الإنساني إلى مضاعفة الجهود لتلبية احتياجات آلاف الأسر التي لجأت إلى المخيم بحثًا عن حياة آمنة، متطرقًا إلى أهمية زيادة المنح المخصصة للقطاعات الحيوية مثل المأوى والتعليم والصحة والغذاء والمياه وسبل العيش، والعمل على إنشاء مشاريع مستدامة تلبي احتياجات النازحين والمجتمعات المضيفة

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير