مدرج غامض في جزيرة يمنية يثير تساؤلات حول دور إماراتي محتمل في مشروع استراتيجي بالبحر الأحمر
منذ 3 ساعات
كشفت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية أن صور الأقمار الصناعية رصدت مؤخرًا إنشاء مدرج طيران جديد في جزيرة زُقَر اليمنية الواقعة في قلب البحر الأحمر، على مقربة من الممرات البحرية الدولية الحساسة
المشروع الذي لم تُعلن أي جهة مسؤوليته عنه حتى الآن، يثير تكهنات حول تورط أطراف إقليمية في تطوير موقع يُعد من أكثر النقاط الجيوسياسية أهمية قبالة سواحل اليمن
الصور التي التقطتها شركة «بلانيت لابز» أظهرت مدرجًا بطول يقارب ألفي متر على الجزيرة، التي تبعد نحو 90 كيلومترًا جنوب شرق مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين
وتشير تحليلات الوكالة إلى أن عمليات البناء بدأت في أبريل الماضي عبر إنشاء رصيف بحري، تلاه تسوية للأرض، قبل أن تظهر في أغسطس أعمال رصف الأسفلت، ثم علامات الطلاء النهائية في أكتوبر الجاري
حتى اللحظة، لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة اليمنية أو التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات بشأن المشروع، فيما امتنعت أبوظبي عن الرد على استفسارات «أسوشيتد برس»
هذا الصمت، وفق مراقبين، يعزز الاعتقاد بأن المدرج جزء من مشروع عسكري أو لوجستي غير معلن تديره أطراف مرتبطة بالتحالف المناهض للحوثيين
بيانات تتبع السفن أظهرت أن سفينة شحن تُدعى باتسا، ترفع علم توغو ومسجلة لدى شركة مقرها دبي، رست أسبوعًا كاملًا قرب الرصيف الجديد بعد أن قدمت من ميناء بربرة في أرض الصومال، حيث تدير شركة «موانئ دبي العالمية» عمليات واسعة هناك
كما ذكرت شركة «سيف شيبينغ آند مارين سيرفيسز» الإماراتية أنها زودت الجزيرة بشحنات من الأسفلت المستخدم في بناء المدرج نيابة عن شركات إماراتية أخرى، وهي معطيات تدعم فرضية الضلوع الإماراتي غير المباشر في تنفيذ المشروع
يأتي هذا التطور في سياق أوسع يتصل بسلسلة من المشروعات العسكرية الإماراتية في مناطق يمنية استراتيجية
ففي السنوات الأخيرة، تم توثيق إنشاء أو توسيع مطارات في المخا وذُباب وجزيرة عبد الكوري، فضلًا عن القاعدة الجوية في جزيرة ميون الواقعة في مضيق باب المندب، والتي تسيطر عليها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي
تُعد جزيرة زُقَر موقعًا شديد الحساسية في البحر الأحمر، حيث شكّلت تاريخيًا نقطة نزاع بين اليمن وإريتريا قبل أن تقرر محكمة دولية في 1998 تبعيتها لليمن
ومنذ اندلاع الحرب عام 2015، تحولت الجزيرة إلى قاعدة متقدمة لقوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، لا سيما لقوات طارق صالح الموالية لأبوظبي
ترى الباحثة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، إليونورا أرديماني، أن بناء المدرج الجديد ربما يهدف إلى تعزيز الرقابة على طرق التهريب التي يستخدمها الحوثيون في البحر الأحمر، وربما تهيئة موقع لعمليات مستقبلية ضد الجماعة
لكنها تستبعد اندلاع هجوم وشيك، مشيرة إلى أن المشروع يأتي ضمن استراتيجية بعيدة المدى لاحتواء النفوذ الحوثي والإيراني في المنطقة
التطورات في جزيرة زُقَر تأتي بينما يتصاعد التوتر في البحر الأحمر، مع استمرار الحوثيين في استهداف السفن التجارية والعسكرية منذ اندلاع الحرب في غزة
فقد نفذت الجماعة أكثر من 100 هجوم بحري، تسببت في إغراق أربع سفن ومقتل تسعة بحارة على الأقل، بحسب تقديرات الوكالة
ورغم الضربات الأمريكية والإسرائيلية المكثفة، يواصل الحوثيون نشاطهم العسكري في الممرات المائية الحيوية، ما يدفع قوى إقليمية ودولية إلى إقامة قواعد مراقبة ومطارات قريبة لضمان السيطرة على خطوط الملاحة وحماية المصالح الاستراتيجية في واحد من أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم