مستقبل السلام باليمن.. بعد الاتفاق “الحوثي – الأمريكي”
منذ 8 أيام
عدن – بديع سلطانخلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، اعتبر المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن الاتفاق بين واشنطن والحوثيين “يمكن البناء عليه”
وقال غروندبرغ إن إعلان سلطنة عُمان، في الـ6 مايو/آيار الجاري “شكّل فرصةً ينبغي البناء عليها بشكل جماعي
وأشار غروندبرغ إلى أهمية إعادة تركيز الجهود نحو حل للنزاع في اليمن، وتعزيز عملية سلام يقودها اليمنيون
وأضاف: بات من الجلي أن التهدئة بالبحر الأحمر والمنطقة بشكل عام “أمر لا غنى عنه”؛ لإعادة اليمن إلى مسار السلام
وكانت سلطنة عُمان، قد أعلنت توصلها إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي باليمن، بوقف ضربات واشنطن على مواقع الجماعة
ويأتي إيقاف الضربات الأمريكية بعد تعهد الحوثيين بوقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر وباب المندب، بحسب الإعلان العُماني
غروندبرغ: الاتفاق بين الحوثيين والولايات المتحدة يمكن البناء عليه لإعادة اليمن إلى مسار السلام، كما أن التهدئة في البحر الأحمر والمنطقة “أمر لا غنى عنه” لاستعادة ثقة الأطراف بجهود التسوية السياسية وتحقيق السلام عبر عملية يقودها اليمنيونتطور هام، بحسب وصف مراقبين سياسيين ومحللين عسكريين يمنيين، يمكن أن يساعد على تخفيض حدة التوتر في المنطقة
ويرى خبراء سياسيون وعسكريون أن إيقاف العمليات العسكرية قد لا يؤدي إلى أي جديد في ملف السلام باليمن؛ نتيجة حسابات سياسية
لكن الخبراء شككوا في إمكانية أن يؤدي هذا التفاهم بين واشنطن وصنعاء إلى الدفع بعملية السلام في اليمن
خاصةً في ظل استمرار تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين كمنظمة إرهابية دولية، وهو ما قد يحول دون تحقيق سلام حقيقي في اليمن؟
ويرى رئيس مركز “أبعاد” للدراسات والبحوث، عبدالسلام محمد، أنه لا وجود لأي اتفاق بين الحوثيين وواشنطن
مشيرًا إلى أن ما حصل هو إبلاغ الأمريكيين بـ”استسلام الحوثيين” وتعهدهم بعدم استهداف للسفن الأمريكية في البحر الأحمر
وقال الباحث اليمني في تصريح خاص لـ”المشاهد”: إن الأمريكيين سيضعون جماعة الحوثي في حالة اختبار
وتابع: “الحقيقة هو أن الأمريكيين ضربوا مقدرات الحوثيين العسكرية، واستطاعوا تقليم أظافر الجماعة، التي باتت لا شكل تهديدًا كبيرًا
كما حذروا الحوثيين -في نفس الوقت- من استهداف السفن الأمريكية”
عبدالسلام محمد: الأمريكيون سيضعون جماعة الحوثي في حالة اختبار، خاصةً بعد أن استطاعت واشنطن ضرب مقدرات الحوثيين العسكرية، ونجحوا في تقليم أظافر الجماعة، التي باتت لا تشكل تهديدًا كبيرًا، كما حذروا الحوثيين -في نفس الوقت- من استهداف السفن الأمريكيةوأضاف عبدالسلام محمد أن استمرار استهداف الحوثيين لإسرائيل يجبر واشنطن -مع أصدقائها الغربيين- على اعتبار الحوثي “كيانًا مُهدِدًا” -ولو مستقبلي-
لافتًا إلى أن هذا يعني إمكانية عودة العمليات العسكرية ضد جماعة الحوثي في أي لحظة، وربما عقب زيارة ترامب للمنطقة
معتبرًا أن إيقاف الضربات الأمريكية بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكية يأتي بهدف إعطاء الحوثي “فرصةً للسلام”
لكنه عاد ليستدرك: “حتى الآن ليست هناك أي مبادرات سلام، لا مع الداخل اليمني ولا مع اللاعبين الإقليميين”
تأتي التفاهمات المتبادلة بين صنعاء وواشنطن، بوساطة عُمانية، رغم استمرار سريان قرار إدارة ترامب بتصنيف الحوثيين “منظمة إرهابية”
ويعلق عبدالسلام محمد حول مصير هذا التصنيف
مبيّنًا أن الحوثيين سيبقون على قائمة الإرهاب، ولا يمكن إزالتهم إلا في حالات معينة
وقال إنه لا يمكن إزالة الحوثيين من قائمة الإرهاب إلا إذا انخطروا في عملية سياسية جادة وحقيقية
وأدمجوا قواتهم في المؤسسات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها
ويشترط لتحقيق ذلك أن تطلب الحكومة اليمنية رفع اسم الجماعة من قائمة الإرهاب بطلب رسمي، مشفوع بتوصية من دول الخليج
مواصلًا: “ما لم يحدث هذا فمن الصعب رفع الحوثيين من قوائم الإرهاب إلا في حالة مجيء إدارة أمريكية جديدة تستخدمهم للضغط على دول الخليج
وهذا الأمر لم يعد متاحًا الآن؛ لأن الأمريكيين يريدون استقرار الشرق الأوسط بشكل عام”
من جانبه، يعتقد الخبير العسكري اليمني، الدكتور علي الذهب، أن الاتفاق الأخير بين واشنطن والحوثيين، لن يؤثر على عملية السلام
معللًا ذلك إلى أن السلام كان متعثرًا أصلًا قبل الاتفاق، وحتى قبل نشوب مثل هذه الأحداث
الدكتور علي الذهب: الاتفاق الأخير بين واشنطن والحوثيين لن يؤثر على عملية السلام، خاصة وأن العملية كانت متعثرة أصلًا قبل هذا الاتفاق، وحتى قبل نشوب الأحداث الأخيرة، كما أن التطورات على الساحتين الإقليمية والمحلية عقّد مسألة السلام كثيرًا في اليمنمشيرًا في حديثه الخاص لـ”المشاهد” إلى أن ما تعرضت له بنى وهياكل الحوثيين، خاصة الموانئ والمطارات من تدمير “عقّد المسألة”
واعتبر الذهب أن تلك البنى “وثيقة الصلة بالسلام وبالهدنة الإنسانية”، مثل الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء
ويواصل: لكنها توقفت نهائيًا عقب الشلل الكامل الذي ضرب المطار، كما تعطلت الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين
وكانت جميعها ضمن أحكام الهدنة التي تقضي بدخول عدد معين من سفن الوقود لأغراض إنسانية
لكن العقوبات الأمريكية المفروضة على الحوثيين فرضت رقابةً أشد، وعقدت جهود السلام
لا يتصور الخبير العسكري، الدكتور علي الذهب، أن عملية السلام في اليمن يمكن أن تندفع للأمام بعد اتفاق واشنطن وصنعاء
عطفًا على قضايا إقليمية ملتهبة، أشد ارتباطًا بالحوثيين أو بمن يدفع الحوثيين لإثارة عنف إقليمي في المنطقة
ويعني الدكتور الذهب بذلك “الاتفاق النووي الإيراني الأوروبي الأمريكي”، الذي ما زال مرتبطًا ومتداخلًا بكل ما يحدث إقليميًا
وزاد: “أي تطورات في هذا الصدد ستكون داعمة للاتفاق الحاصل بين الحوثيين وواشنطن مؤخرًا بشأن وقف الهجمات”
لافتًا إلى أن أمرًا كهذا سيحتاج إلى “خطة سلام”، وهذه الخطة لا تزال بعيدة، بحسب الذهب
كما أن مسألة “حرب غزة” وثيقة الصلة بهذا الموضوع؛ كون الحوثيين يجدون منها وسيلة لإعلان موقفهم الديني والقومي بزعمهم
ويرى الدكتور الذهب أن لهذه المسألة تأثير على مواقف الدول تجاه جماعة الحوثي، كما تلقي بتأثيرها على عملية السلام في اليمن
الذهب: هناك عوامل إقليمية وارتباطات ذات صلة تؤثر بشكل كبير على الدفع بعملية السلام في اليمن، من بينها “الاتفاق النووي الإيراني الأوروبي الأمريكي”، ومسألة حرب غزة، كما أن الاتفاق بين صنعاء وواشنطن “هش” ويمكن أن تعاود الولايات المتحدة ضرباتهاويعود الدكتور الذهب ليجدد الإشارة إلى أن “اتفاق وقف الهجمات الأمريكية على الحوثيين ليس له أي أثر فعلي على السلام”
مستدركًا: ” لكن قد يكون هذا الاتفاق “الهش” مدخلًا للسلام، مع التنبيه إلى إمكانية أن تعاود الولايات المتحدة ضرباتها على الحوثيين”
وخَلُص الخبير العسكري إلى أن هذا الاتفاق قد يكون “مؤقتًا” حتى انتهاء زيارة ترامب للمنطقة
حتى يتفق مع إيران ويعقد صفقاته، لكن في كل الأحوال لاتزال العقوبات الأمريكية على الحوثيين قائمة
وبالتالي ستُستخدم كمبررٍ آخر للتضييق على الحوثيين بصرف النظر عن أي اتفاق حاصل
مختتمًا: “المسألة اليمنية معقدة وأعتقد أنها قد تطول”
حظيّ الاتفاق بدراسة مستفيضة من قبل مراكز بحثية مختصة بالشؤون السياسية اليمنية
وتساءلت الدراسات حول ما إذا كان الاتفاق يُمهد لسلام دائم في اليمن حقًا، أم هو مجرد هدنة مؤقتة في حرب مستعرة منذ عقد؟
وأجابت دراسة صادرة عن وحدة الدراسات السياسية بمركز المستقبل اليمني عن هذا التساؤل
وأشارت إلى أن سلطنة عُمان تحدثت عن أن الاتفاق يهدف إلى “خفض التصعيد”، لكنه لا يضمن السلام الدائم
وأوضحت الدراسة أن مستقبل السلام في اليمن يعتمد على قدرة الأطراف المحلية والدولية على معالجة الجذور العميقة للنزاع
وإخراج الأطراف الخارجية من المعادلة
ووضع حلول مستعجلة لقضايا ملحة مثل الفقر والبطالة وعجز الموازنة والانقسامات السياسية، وليس مجرد إدارة الفصائل العسكرية
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير