مصير مجهول لاستثمارات البنوك في أذون الخزانة
منذ 2 سنوات
صنعاء – وفيق صالح لم تحصل البنوك اليمنية على العائدات المالية من استثماراتها في أذون الخزانة في البنك المركزي اليمني في صنعاء منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة عام 2014
حتى اليوم، لا زالت إدارة البنك المركزي بصنعاء ترفض الإفراج عن العائدات المالية المستحقة للبنوك اليمنية، وتسبب عدم تسديد تلك العائدات إلى البنوك بأزمة سيولة حادة، حيث عجزت بعض البنوك عن الإيفاء بالتزاماتها المالية أمام العملاء والمودعين
تقف العديدً من البنوك اليمنية اليوم على حافة الإفلاس جرَّاء استمرار السياسات الخاطئة في الجانب النقدي والمالي، ومصادرة فوائد الاستثمار في أذون الحزانة واحدة من تلك الممارسات التي تسهم في تدمير القطاع البنكي باليمن
مطلع العام الجاري، أقدمت إدارة مركزي صنعاء التابعة للحوثيين على تحويل استثمارات البنوك في أذون الخزانة إلى أرصدة حسابات جارية لديه غير قابلة للسحب حتى لا يحتسب لهم أي فوائد عليها
فارس النجار، محلل اقتصادي، يقول إن جماعة الحوثي تسعى لمصادرة الفوائد المالية لهذه الاستثمارات التي تراكمت على مدى ثمانية أعوام، مشيراً إلى أن جماعة الحوثي استولت على كافة مدخرات البنك المركزي بصنعاء بعد سيطرتها عليه، ولم تدفع فوائد استثمارات البنوك، في أذون الخزانة، كما لم تسمح للمودعين بسحب أموالهم وودائعهم المالية
تعتبر أذون الخزانة استثمار مالي مضمون ومرتفع العائد، حيث يبلغ سعر الفائدة الإسمي، حوالي 16% مما جعلها جاذبة لاستثمارات البنوك التجارية التي زاد طلبها على أذون الخزانة سنة بعد أخرى
وفقا لإحصائيات رسمية صادرة عن البنك المركزي في عدن، بلغ إجمالي استثمارات البنوك لدى أذون الخزانة 3,7 ترليون ريال حتى عام 2015
وعود بإعطاء العوائدمصدر في جمعية البنوك اليمنية يقول لـ “المشاهد” إنهم مازالوا في مرحلة التفاوض مع جماعة الحوثي بشأن الودائع والمديونية السابقة لاستثمارات البنوك السابقة في أذون الخزانة
يشير المصدر إلى أنهم تلقوا تعهدات من جماعة الحوثي بتفعيل قانون لحفظ الودائع السابقة، وإنشاء استراتيجية وطنية لحفظ استثمارات أذون الخزانة السابقة للبنوك لدى البنك المركزي اليمني
وقالت جماعة الحوثي إنها ستعالج استثمارات البنوك السابقة في أذون الخزانة عبر تحويلها إلى البنك المركزي بصنعاء، لاستثمارها بطريقة مختلفة، وإعطاء المستثمرين، نسبة من عوائد استثماراتهم التي سيستثمرها البنك المركزي، وليس كل عوائد تلك الاستثمارات
مصدر في أحد البنوك الإسلامية في صنعاء، يقول حتى الآن لا توجد أي قوانين أو صيغ من قبل البنك المركزي بصنعاء بشأن معالجة استثمارات أذون الخزانة السابقة، موضحاً أن منع قرار منع التعاملات الربوية من قبل البنك المركزي في صنعاء قد يعمل على تعطيل قطاع أذون الخزانة، والصكوك الإسلامية، والتمويل والاستثمار والمرابحة، التي تعد من أهم الأعمال والمهام الرئيسية للبنوك
أسهمت أداة الدين المحلي أذون الخزانة في تمويل عجز الموازنة العامة للدولة خلال 2010-2015 قبل أن تتوقف عملية الإقبال على شراء اذون الخزانة في العام 2016، نتيجة الصعوبات والمعوقات التي واجهتها البنوك في الحصول على الفوائد من البنك المركزي بصنعاء
فقد بلغ الدين الحكومي في أذون الخزانة في العام 2010، 590 مليار ريال، وفي 2011 بلغ 640 مليار ريال، ليرتفع في العام 2012 إلى 905 مليار ريال، بحسب تقارير وزارة التخطيط والتعاون الدولي في اليمن
وتصاعد حجم استثمار البنوك في اذون الخزانة بالبنك المركزي بعد ذلك، حيث ارتفع في العام 2013 إلى ترليون و320 مليار ريال، وفي 2014 سجل ترليون و460 مليار ريال
في العام 2015 كانت ذروة الصعود في استثمارات أذون الخزانة، حيث بلغت ترليون و501 مليار ريال، لتواجه بعد لك في الأعوام اللاحقة، معضلات حقيقة في الحصول على فوائد هذه الاستثمارات، نتيجة تآكل احتياطي البنك المركزي اليمني من النقد المحلي والأجنبي
عملية نهب واسعةعبد الواحد العوبلي، باحث اقتصادي، يقول إن منع تسليم فوائد أرباح البنوك المستثمرة في أذون الخزانة تعد عملية النهب واسعة التي تقوم بها جماعة الحوثي لأموال المودعين، وسيؤدي هذا القرار إلى إنهاء آخر عوامل الثقة بين العملاء والمصارف
يضيف لـ “المشاهد”: ستواجه البنوك صعوبة في تلبية التزاماتها تجاه العملاء والمودعين، بل من المتوقع إفلاس عددا من البنوك والمصارف اليمنية، وفي نهاية المطاف ستؤدي سياسة الحوثيين، إلى سيطرتهم على القطاع المصرفي وإقصاء الآخرين”
يشير العوبلي إلى أن استثمارات البنوك في أذون الخزانة بعد القرار الحوثي الأخير أصبحت في حكم المنهوبة والمصادرة
ويتوقع العوبلي أن يقوم الحوثيون باعتماد المبالغ الأصلية للمودعين، والتي فقدت الجزء الأكبر من قيمتها بسبب التضخم، وهو ما سيكون له تأثير سلبي على المودعين الذين كانوا يعتمدون على العائدات الاستثمارية كمصدر للدخل
يقول مسؤول بنكي في عدن، فضل عدم الكشف عن هويته، إن هذه المسألة تتطلب تدخل الجميع لمعالجتها وفي مقدمة ذلك التحالف والحكومة اليمنية، ولا تقتصر المسؤولية فقط على جماعة الحوثي
ويشير إلى أن الحكومة كان يُفترض أن تعمل على وضع حلول سريعة لأدوات الدين المحلي في البنك المركزي، ومنها اذون الخزانة، أثناء تنفيذ قرار نقل البنك المركزي اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن، معتبراً أن قرار نقل البنك غير المكتمل ساهم في إيجاد أزمات وإشكاليات في الجانب النقدي والمالي
أوضح تقرير فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات بشأن اليمن، في مجلس الأمن الدولي، الصادر عام 2022، إلى أن جماعة الحوثي، خفضت سعر الفائدة على أذون الخزانة من 16,5 إلى 12 في المائة، ولم تتلق المصارف التجارية أي فوائد من البنك المركزي منذ نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن
منع فوائد التعاملات الماليةأقرت جماعة الحوثي في شهر مارس هذا العام قانون منع الفائدة، تحت مسمى محاربة التعاملات الربوية في البنوك والمصارف اليمنية
يرى باحثون اقتصاديون أن ذلك القرار محاولة لتمييع مستحقات البنوك المستثمرة لدى اذون الخزانة بالبنك المركزي، وعدم دفع عوائدها المالية
يمنع القانون الجديد كل التعاملات التي تتضمن الفائدة أو المساهمة أو الأرباح أو العمولة، كما جرّم صيغ المرابحة التي تمثل 90 في المائة من أنشطة البنوك الإسلامية، وجرّم البيع بالتقسيط لأجل، وبيع الوفاء وبيع الدين وغيرها
يعتقد العوبلي أن قرار جماعة الحوثي بمنع سعر الفائدة في التعاملات المالية يُسبب مخاوف حقيقية على مصير عائدات استثمارات البنوك في أذون الخزانة بالبنك المركزي اليمني، مؤكداً أن هذا القرار سيؤدي إلى عدة تداعيات سلبية، لا سيما على أداء القطاع المصرفي وقدرته على الوفاء بالتزامات للعملاء والمودعين ومدى قدرته على القيام بتقديم الخدمات التمويلية
وفقا لمذكرة جمعية البنوك بصنعاء الصادرة إلى مجلس النواب، للمطالبة بإلغاء الفائدة، سيؤدي منع فوائد التعاملات المالية إلى حرمان البنوك من أكبر نسبة من إيراداتها المتمثلة بالفوائد، والتي تبلغ أكثر من 80%، فضلا عن إحلال شركات الصرافة محل الجهاز المصرفي في كافة التعاملات والخدمات التي تقدمها البنوك التجارية حاليا خاصة بعد ما وصل الأمر أن تقوم شركات الصرافة بعمل وظائف البنوك ومنها تغطية الاعتمادات المستندية والتحويل الخارجي لتغطية قيمة الواردات السلعية،
في ظل استمرار السياسيات النقدية والمالية الخاطئة في اليمن، يرى خبراء ضرورة حصول البنوك على عوائد استثماراتها في أذون الخزانة، وهذا يتطلب وضع مبادرات اقتصادية للتشاور، ومعالجة هذا الملف الذي لا يحتمل أي تلكؤ، لما له من أثر على معالجة أزمات السيولة والدين العام المحلي
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير