مضاعفة الرسوم الضريبية والجمركية.. أزمة القطاع الخاص في اليمن

منذ 2 سنوات

تعز – وفيق صالح:يُبدي أحد رجال الأعمال في مجال استيراد الإلكترونيات شمالي اليمن، امتعاضه الشديد من الإجراءات المعقدة المُتبعة في ميناء الحديدة، أثناء دخول البضاعة إلى الميناء، حيث تؤدي تلك الإجراءات إلى تأخر التخليص الجمركي للبضاعة، ومضاعفة الخسائر المالية التي يتكبدها التجار

في حديثه لـ”المشاهد”، يقول رجل الأعمال إن بضاعته تُحتجز لأسابيع طويلة في ميناء الحديدة، حتى وإن تم دفع كافة الرسوم الجمركية والضريبية، وهذا الأمر جعل عملية الاستيراد عبر المنافذ البرية للبلاد أقل كلفة، مقارنة بالجبايات الجمركية والضريبية الكبيرة التي تفرضها إدارة ميناء الحديدة الذي تديره جماعة الحوثي

تزداد التحديات التي يواجهها القطاع الخاص، مع إقرار السلطات في صنعاء إجراءات اقتصادية، شملت فرض قوائم سعرية لأصناف مختلفة من السلع، وإغلاق عدد من الشركات التجارية، بالإضافة إلى إقرار تعديلات في قوانين ضرائب الدخل وضريبة المبيعات والجمارك، ومنع عدة شاحنات تجارية من دخول مناطق سيطرتها

وتشمل التعديلات الحوثية على القانون رقم 19 لسنة 2001م بشأن الضريبة العامة على المبيعات وتعديلاته، وتعديل القانون رقم 17 لسنة 2010م بشأن ضرائب الدخل وتعديلاته، وقانون الجمارك رقم 14 لسنة 1990م

ومن شأن الإجراءات الجديدة أن تضيف أعباء جديدة على التجار والمستوردين

وكان الاتحاد العام للغرف التجارية أصدر بيانًا في شهر مايو هذا العام، واتهم جماعة الحوثي بالعمل على إرهاق القطاع الخاص بالجبايات والضرائب والإتاوات غير القانونية وغير المشروعة، واعتبر هذه الإجراءات سببًا لرحيل القطاع الخاص من مناطق سيطرة جماعة الحوثي، بحثًا عن الأمن التجاري والاقتصادي

وأوضح الاتحاد العام للغرف التجارية في بيانه أن الممارسات التعسفية التي تعرض لها القطاع الخاص كثيرة، منها إغلاق الشركات والمنشآت التجارية دون صدور أحكام قضائية أو أوامر من النيابة المختصة بذلك

ومن شأن هذه القيود الجديدة أن تُكبل القطاع الخاص، خصوصًا في ظل توجه جماعة الحوثي لإعادة هيكلة الاقتصاد، في مناطق سيطرتها، وتهيئة الجو لقطاع خاص مقرب منها، وإنهاء القطاع الخاص الحقيقي الموجود لصالح قوى النفوذ التابعة لها

تقول مصادر تجارية إن إزاحة رجل الأعمال المعروف حسن الكبوس من رئاسة الغرفة التجارية والصناعية في أمانة العاصمة، وفرض علي الهادي بديلًا عنه، دليل واضح على توجه السلطات في صنعاء نحو التحكم القوي بالقطاع الخاص

ويحذر الاتحاد العام للغرف التجارية من أن الإجراءات التي تقوم بها جماعة الحوثي، ستلحق أضرارًا بالغة بالاقتصاد الوطني، وتوقف استيراد البضائع والإخلال بالمخزون الاستراتيجي للبلد، ونزوح وهجرة راس المال الوطني بحثًا عن الأمن التجاري والاقتصادي

مخاطر نزوح رأس المال الوطنييقول رجل أعمال في صنعاء، فضل عدم الكشف عن هويته، إن استمرار فرض القيود على التجار في مناطق سيطرة الحوثيين، سيدفع برأس المال الوطني، إلى الهجرة والنزوح للخارج بحثًا عن ملاذات آمنة، وستكون خسارة البلاد والاقتصاد الوطني للقطاع الخاص فادحة، وستؤدي إلى تراجع حجم الناتج المحلي للقطاع الخاص، وإحداث أزمات واختناقات في سلاسل الإمداد والأسواق التموينية

بحسب المصدر، فإن استمرار محاربة القطاع الخاص سيؤدي إلى تقويض النشاط التجاري وتسريح العاملين فيه، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة في أوساط السكان

خلال سنوات الحرب التي بدأت عام 2015، قام القطاع الخاص اليمني بدور هام في التصدي لتدهور الوضع الإنساني، من خلال قيام التجار بتوفير واردات السلع الأساسية والبضائع، ولعب دور بارز في منع انزلاق البلاد إلى المجاعة

وقال تقرير صادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، في يوليو من العام الماضي، إن القطاع الخاص لعب دورًا في الحفاظ على الاستقرار المعيشي لآلاف الأسر شمالًا وجنوبًا، رغم التضييق المستمر، والانتهاكات التعسفية، ومحاولات الإحلال مـن قبل السلطات العسكرية المسيطرة في الواقع

واعتبر مركز الإعلام الاقتصادي، أن انتظام تسليم الرواتب من قبل القطاع الخاص، أبقى تلك الأسر على قيد الحياة

احتكار القوة والمالوفي ما يتعلق بمشروع التعديلات القانونية للحوثيين، اعتبر المحلل الاقتصادي محمد الجماعي، أن هذه الإجراءات ليست خطوات منفردة، وإنما هي جزء من سياسة حوثية ممنهجة تهدف إلى جمع المال واحتكار مفاصل القوة والنفوذ

وأشار الجماعي إلى أن جماعة الحوثي تشعر أنها حققت أهدافها السياسية والعسكرية، وتريد الآن موارد مالية ضخمة، لافتًا إلى أن جماعة الحوثي تدرك أن هذه الموارد الضخمة لن تأتي إلا عبر السيطرة على القطاع الخاص

ويضيف: “تسعى الجماعة من خلال هذه التعديلات القانونية التجارية والإجراءات الجديدة، إلى فرض مزيد من القيود على القطاع الخاص، وإعادة تشكيل الاقتصاد الوطني عبر احتكار كافة القطاعات الإنتاجية والتشغيلية في القطاع الخاص”

سلمان المقرمي، صحفي مهتم بالقضايا الاقتصادية في اليمن، يرى أن الإجراءات التي تفرضها سلطات صنعاء على القطاع الخاص، تهدف إلى إنشاء اقتصاد وكيان بديل وموازٍ للقطاع الخاص القائم، من أجل تحقيق أهداف وأجندات أخرى

ويشير المقرمي إلى أن السلطات في صنعاء تعتقد أن امتلاك واحتكار القوة المالية، ستمكنها من مواجهة أية تداعيات لأية تسوية أو اتفاق سلام محتمل خلال الفترة القادمة، مضيفًا أن الجماعة فرضت إجراءات جديدة لمضاعفة الجبايات الضريبية والجمركية، عبر مراكز جمركية مستحدثة بين مداخل المحافظات اليمنية، وتسببت بخسائر إضافية باهظة للتجار، وارتفاع سعر السلع المستوردة إلى اليمن

ومن شأن التعديلات القانونية التجارية والإجراءات التي تفرضها حكومة صنعاء على التجار، أن تؤدي إلى تراجع دور القطاع الخاص في حركة الاستيراد، وانخفاض النشاط التجاري، الأمر الذي سيخلق أزمات تموينية في اليمن الذي يعتمد على استيراد 90% من احتياجاته الغذائية والاستهلاكية من الخارج

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير