معاناة الباعة المتجولين في ريف تعز
منذ 6 أشهر
تعز- رهيب هائلفي الساعة السادسة صباحًا، يخرج سلطان محمد، 51 عامًا، من بيته ويذهب إلى قرى بعيدة في مديرية مشرعة وحدنان في محافظة تعز
محمد بائع متجول، ويقطع كل يوم ما يقارب 10 كيلو متر مشيًا على الأقدام
يحمل محمد على ظهره حقيبة فيها بعض المنتجات التي يبيعها للسكان في بعض القرى، ومع غروب الشمس، يعود إلى منزله منهكًا بعد ساعات من المشي المتواصل
في حديثه لـ “المشاهد”، يقول محمد: “المواد التي أبيعها متنوعة كالخضار والفواكه في مواسمها، والملابس قبل عيد الفطر وعيد الأضحى
ويصل وزن المنتجات التي أحملها إلى عشرين كيلو جرام أو أكثر
في موسم فاكهة الرمان مثلًا، أذهب إلى المدينة في الساعة الخامسة مساًء لكي أشتري الكمية التي أحتاج، وأعود إلى البيت، وفي الصباح، أذهب لبيعها في عدد من القرى
”على الرغم من مشقة العمل كبائع متجول في الأرياف، إلا أن محمد والعديد من أمثاله يكافحون من أجل كسب لقمة العيش لأطفالهم
يقول محمد: “أتنقل في القرى البعيدة برفقة العديد من الباعة المتجولين، ونحرص على ألا تتشابه بضاعتنا حتى نتمكن من بيعها
” يكسب محمد في اليوم الواحد الخمسة آلاف ريال، وقد تصل إلى ثمانية أو عشرة آلاف ريال، لكن هذا المبلغ ليس كاف لتوفير متطلبات المعيشة اليومية لزوجته وأطفاله
بيع البصلجُماد قاسم، 25 عامًا، من مديرية سامع، يقول لـ “المشاهد” إن العمل كبائع متجول في الريف يتطلب جهدًا كبيرًا، ونشاطًا متواصلًا
يوضح قاسم: “عند الساعة الرابعة والنصف صباحا، أحمل بضاعتي (البصل الأخضر)
أحمل 40 حزمة بصل أو أقل داخل كيس، ثم أتنقل من قرية الضياء إلى القرى المجاورة، وأسير في منعطفات جبلية وعرة، مشيًا على الأقدام مع العديد من الباعة من أبناء قريتي”
محمد الرميمة، ناشط مجتمعي في محافظة تعز، يؤكد أن العمل كبائع متجول في الريف أمر شاق، ويحقق العاملون في هذا المجال عائد مادي ضئيل، لأن نسبة إقبال المواطنين على الشراء ضعيفة جدًا
أشترى قاسم مع اثنين من أصدقائه قطعة أرض مزروع فيها البصل، واتفق مع المزارع على دفع ـ30 ألف ريال (عملة قديمة)
حصل المزارع على نصف المبلغ مقدمًا، والنصف الآخر بعد الانتهاء من البيع
في المساء، يذهب قاسم إلى المزرعة ويحصد البصل، ويجهز حزم صغيرة، وكل حزمة بسعر 500 ريال
يضيف: “نكمل بيع البضاعة عند الساعة التاسعة صباحًا وأحيانًا الحادية عشرة صباحًا، ونحصل في اليوم على 20 ألف ريال بالعملة الجديدة، وأحيانًا أقل بسبب الديون أو ضعف البيع
”يتابع قاسم: “قي الصباح نذهب إلى القرى، ونصل الساعة السابعة صباحًا، وننادي بأنواع الخضروات التي نبيعها، ليأتي إلينا الزبائن
”باعة متجولون في سن الطفولةمحمد الرميمة، ناشط مجتمعي في محافظة تعز، يؤكد أن العمل كبائع متجول في الريف أمر شاق، حيث يحقق العاملون في هذا المجال عائد مادي ضئيل، لأن نسبة إقبال المواطنين على الشراء ضعيفة جدًا
في حديثه لـ “المشاهد”، يقول الرميمة: “لاحظت العديد من الباعة المتجولين في مديرية مشرعة وحدنان بتعز يعودون إلى منازلهم دون أن يبيعوا شيئًا من بضائعهم، بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة لدى السكان في الريف”
افتخار عبده، صحفية مهتمة بالشؤون الاجتماعية والإنسانية في تعز، تشير إلى تزايد أعداد الباعة الذين يتجولون في أرياف تعز خلال الفترة الأخيرة، وأغلبهم من صغار السن، الذين تركوا المدرسة، وذهبوا يبحثون عن عمل لتوفير متطلبات المعيشة
وفقًا لبيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، ارتفعت نسبة الفقر في البلاد إلى 80%، كما انكمش الاقتصاد بنسبة 50%، في ظل الصراع الذي يشهده اليمن منذ 9 سنوات
وتشير البيانات إلى أن اليمن يواجه أزمة متفاقمة في مختلف المجالات، حيث وصلت نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى 60% بين السكان، وهناك 80 %يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، فضلاً عن نزوح نحو 4
3 مليون إنسان، وهؤلاء يفتقرون إلى الخدمات الأساسية
افتخار عبده، صحفية مهتمة بالشؤون الاجتماعية والإنسانية في تعز، تشير إلى تزايد أعداد الباعة الذين يتجولون في أرياف تعز خلال الفترة الأخيرة، وأغلبهم من صغار السن، الذين تركوا المدرسة، وذهبوا يبحثون عن عمل لتوفير متطلبات المعيشة
تضيف: “يغادر الباعة المتجولون يوميا منازلهم قبيل آذان الفجر، ويذهبون إلى قرى بعيدة وهم يحملون بضاعتهم على ظهورهم
يعودون قبيل المغرب أو بعده، وقد يعيدون أغلب البضاعة معهم، بسبب كثرة الباعة، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين
”تختم عبده حديثها لـ “المشاهد”، وتقول:”نأمل أن يحصل هؤلاء المكافحون على مشاريع صغيرة يعملون عليها بأنفسهم
إنهم في حاجة ماسة إلى مد يد العون لهم؛ لأنهم رفضوا أن يستسلموا لقساوة الحياة ومرارة الواقع، ورفضوا أن يبقوا عاجزين
”ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير