معلومات تاريخية هامة عن مدينة جبلة عاصمة اليمن الموحد الكبير (صور)

منذ 2 سنوات

مدينة جبلة

عاصمة اليمن الموحد الكبير        إعداد/ محمد محمد عبد الله العرشي ====================================المقدمة:إن معرفتنا بتاريخ بلادنا وجغرافيتها يساعدنا على معرفة واقع مجتمعنا، ويجعلنا قادرين على حل مشاكله الاجتماعية والاقتصادية، والتعرف على مكامن القوة والضعف فيها

وفي نفس الوقت سوف نتمكن من استغلال ثرواتنا الاقتصادية لتحقيق رفاهية اليمنيون، وأوجه نداءً لكل اليمنيين وعلى رأسهم السياسيين والمفكرين بأن يعملوا جميعاً على استغلال هذه الثروات بدلاً عن الصراعات السياسية، والتفكير في كيف نحكم بدلاً عن من يحكم

وهاهي إب تؤكد ما ذهبنا إليه بأن اليمن يملك ثروات زراعية واقتصادية وعلمية، فمنها العلماء المجتهدون، والشعراء الكبار، والعلماء المؤرخون

ذكر الأستاذ/فؤاد سيد في تحقيقه لكتاب (طبقات فقهاء اليمن) الذي ألفه عمر بن علي بن سمرة الجعدي، بأن جبلة مدينة باليمن شمالي الجند يلحق بها:الوقش والأسلاف ووراف والربادي والمكتب وأنامر الأعلى وأنامر الأسفل والثوابي والنقيلين والمعشار  والأصابح والشراعي وجبل رعويين والشهلى

قال عمارة اليمن: جبلة رجل يهودي كان يبيع الفخار في الموضع اذي بنت فيه الحرة الصليحية دار العز وبه سميت المدينة، وكان أول من أختطها سنة 458هـ عبدالله بن محمد الصليحي المقتول بيد الأحول سعيد بن نجاح مع الداعي علي بن محمد الصليحي سنة 473هـ بالمهجم

وفي جبلة جامع من عمارة السيدة بنت أحمد الصليحية وقبرها بجوار هذا الجامع

وينطبق على جبلة ما نقل ابن الديبع في كتابه (نشر المحاسن اليمانية) أن من خصائص اليمن أنها تسمى الخضراء لكثرة مزارعها ونخيلها وأشجارها وأثمارها ومراعيها وريعها

قال الكلاعي في قصيدته:هي الخضراء فاسأل عن رباعيخبرك اليقين المخبروناويمطرها المهيمن في زمانبه كل البرية يظمؤوناوفي أجبالها عز عزيزيظل له الورى متقاصريناوأشجار منورة وزرعوفاكهة تروق الآكلينا وهو يعني أن اليمن يمطر في تموز وآب، وذلك الوقت هو الذي يشتد فيه ظمأ أهل نجد والحجاز وغيرهما من المخاليف والبلدان ويشتد فيه الحرارة وينقطع فيه الغيث عن الجهات المذكورة

واليمن يغاث في ذلك الوقت وخاصة بلاد الكلاع، ومنها بعدان وريمان والسحول، وما حاذاها من البلدان شرقاً وغرباً وشاماً ويمناً

وقد وصفها المرحوم القاضي محمد علي الأكوع في كتابه (اليمن الخضراء مهد الحضارة) بأن ذو جبلة نسمة السحر وشقيقة القمر ربَّة الحسن والإحسان والعلم والعرفان، وذكر أن عبدالله ابن يعلي الصليحي قال فيها:ما مصر ما بغداد ما طبريّةبمدينة قد حفها نهرانخَدِدٌ لها شام وَحب مشرقوالتعكر العالي المنيف يماني ومدينة جبلة هي ذات طبيعة ساحرة وهواء عليل وتربة خصبة وتمتاز بجمال مبانيها ذات الطابع المعماري الفني المتميز ويشكل فنها المعماري نوعاً من الفن المعماري اليمني الذي أشتهر في العصر الإسلامي، وقد ذكر ياقوت الحموي في معجمه مفردة جبلة بأنها مدينة باليمن تحت جبل صبر وهذا ليس صحيح بل إنها مدينة مشهورة شمال جبل التعكر وليست تحت جبل صبر، بل أن القاضي المرحوم إسماعيل الأكوع أشار إلى هذا الخطأ، كما ذكر في تحقيقه لكتاب المرحوم القاضي محمد الحجري (مجموع بلدان اليمن وقبائلها) أن الاسم الحقيقي للسيدة بنت أحمد الصليحي هو السيدة وليس أروى كما هو شائع عند كثير من الناس وقد أعتمد في ذلك على وصيتها حيث تضمنت وصيتها أن إسمها سيدة وليست أروى ، وقد قال بعض الأدباء يصف مدينة جبلة:سألت المجد أين غدى مقيماًوفي أي المنازل حط رحلهوأومأ في المقال بلا توانٍوقال مدينة النهرين جبلةوقد وصفها الأديب علي بن إسماعيل بن القاسم المتوفى 1096هــ بقوله:ياصاح عج بي نحو جبلة أن ليقلباً إلى تلعاتها مشتاقراقت منازلها ورق نسيمهافالماء في ساحتها رقراقوترى بدور الحسن وهي طوالعمن دورها هالاتها الأطواقهي جنة الدنيا فما في وصفهاكدر بذلك زانها الخلاقهي نقطة البيكار في اليمن الذيجمعت به البركات والأرزاق وقد ورد في الموسوعة السكانية للدكتور المخلافي أن جبلة إحدى مديريات محافظة إب تحيط بها من الشمال مدينة إب (مديريتا المشنة والظهار) إضافة إلى مديرية إب، و من الجنوب مديريتا ذي السفال والسياني، ومن الغرب مديريتا العدين وذي السفال، ومن الشرق مديريات إب، ومدينة إب، والسياني

وتبلغ مساحتها 156كم2، ويبلغ عدد سكانها (113

662)نسمة

ولعل جمال مدينة جبلة وسحرها الجذاب وكثرة مياهها، كان السبب في إقناع السيدة بنت أحمد الصليحي لزوجها الملك المكرم أحمد بن علي الصليحي بالإنتقال من مدينة صنعاء إلى مدينة جبلة، وقد ذكر المؤرخ العلامة جمال الدين عبدالله الطيب بن عبدالله بامخرمة الحميري في كتابه (النسبة إلى المواضع والبلدان) بأنها أشارت على زوجها أن يحشر الناس في مدينة صنعاء فلم يقع بصره إلا على بريق السيوف والأسنة وتوجهت معه بعد ذلك إلى مدينة جبلة وأشارت عليه أن يجمع الناس فقام بجمعهم إلى ميدان جبلة، وأشرف عليهم فلم يقع بصره إلا على رجل يجر كبشاً وأخر يحمل ظرف سمن أو ظرف عسل، فقالت العيش بين هؤلاء أصلح

وقد أشتهرت مدينة جبلة كمركز علمي وفكري لقرون عديدة، وقد ذكر المرحوم القاضي إسماعيل الأكوع  في كتابه (المدارس الإسلامية في اليمن) أنه كان يوجد في مدينة جبلة ستة عشر مدرسة إسلامية، وهي: (مدرسة ابن أبي الأمان، المدرسة الفاتنية، مدرسة المسانيف، المدرسة العومانية، المدرسة النجمية في الأسلاف من جبلة، المدرسة الشهابية، المدرسة الشرفية، المدرسة الزاتية، المدرسة النظامية، مدرسة النجمية، مدرسة ذرا، المدرسة الفتحية، مدرسة مدرُ، مدرسة مُعيْد، المدرسة الوزيرية، مدرس عيقرة)

ومن أهم معالم وضواحي مدينة جبلة:1- جامع الملكة: والتي بنته الملكة السيدة بنت أحمد بن محمد الصليحي في عام 480هــ 1087م حيث أمرت بتحويل دار العز الأول إلى الجامع الذي ينسب إليها ولا يزال الجامع إلى الآن قائماً محتفظاً بعناصره المعمارية والزخرفية والمتأثرة بالعمارة الفاطمية حيث ورد وصفه في الجزء السادس من كتاب (نتائج المسح السياحي)، وهو فوق تل مرتفع عن المدينة ويتم الوصول إليه من خلال منحدرات جبلية في الناحية الشرقية للمدينة ويتم الصعود إلى مدخل الجامع عبر سلالم حجرية تؤدي إلى دهليز يمتد من الجنوب إلى الشمال حيث تطل الواجهة الشرقية للجامع على هذا الدهليز وأبوابه مصنوعة من الأخشاب بطريق الحشو وهو مستطيل الشكل ويتوسطة فناء مكشوف وابعادة 20×17

80 م ويحيط به أربعة أروقة، رواق القبلة وهو الرواق الشمالي ويمتد من الشرق إلى الغرب والرواق الجنوبي والرواق الشرقي والرواق الغربي وله محراب يقع في منتصف الجدار الشمالي، وهو عبارة عن تجويف بسيط وعمقه 85سم، وتحيط بالمحراب كتابات بخط كوفي وللجامع مئذنتان أحدهما تقع في الناحية الشرقية من الجهة الجنوبية والأخرى تقع في الناحية الغربية من الجهة الجنوبية

2-ضريح الملكة السيدة بنت أحمد الصليحي: ويعتبر من الأضرحة التي كانت سائدة في القرن السادس الهجري ويقع في الركن الشمالي الغربي من الجامع في مدينة جبلة ويقال أنها عندما بنت الجامع أستثنت موضع ضريحها، وضمنت ذلك في وصيتها بحضور القضاة والشهود ويبلغ طول جداره الشرقي 3 أمتار وجداره الجنوبي 3

25متر ويصل إرتفاعه إلى 3

30متر  وله مدخل في الجدار الجنوبي عرضه 55سم وإرتفاعه1

50متر

3- حصن التعكر: هو أسم لجبل وقلعة حصينة ويقع في جنوب مدينة جبلة ويطل أيضاً على مدينة إب من الجنوب وعلى مدينة ذي السفال وقد ذكر القاضي محمد علي الأكوع في هامش (صفة جزيرة العرب) نقلاً عن أبن سمره أن حصن التعكر أسس قبل ثلاثة ألف وخمسمائة سنة ووصفه بأنه أشهر جبال اليمن وأبعدها صيتاً وأمنعها حصانة وأعلاها شموخاً، وقد ذكر الهمداني بأن في رأسه مسجد من المساجد الشريفة وكان معقل الصليحيين ويقال أن طغتكين بن أيوب قد هدمه ثم أعاد بناءه

4- دار العز: ويقال أنها كانت مكونة من ثلاثمائة وستين غرفة على عدد أيام السنة وكانت مقراً للملكة سيدة بنت أحمد ولا تزال بقايا هذا الدار قائمة ومعروفة حتى الآن

كما يوجد في مدينة جبلة متحف صغير تم إنشاءه مؤخراً ويحتوي على صالة عرض للموروث الحضاري والثقافي لمدينة جبلة كما يوجد فيه بعض القطع الأثرية والتي يعود معظمها إلى عهد الدولة الصليحية

الهجر العلمية في جبلة: وقد ذكر المرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع العديد من هجر العلمفي جبلة، وترجم للعديد من أعلامها وعلمائها لما يقرب من (62) إثنين وستين عالماً، على النحو التالي:1-     الثَّمَد:بفتح الثاء والميم: قرية عامرة في عزلة وراف من أعمال ذي جبلة وأعمال إب

وقد ترجم لـ(6) من أعلامها

2- ذي عُقَيْب: قرية عامرة من عزلة وراف، من ناحية ذي جبلة وأعمال إب، وتقع في الشمال الغربي من مدينة ذي جبلة على بعد نحو ثلاثة كيلومتر تقديراً منها، وهي تنقسم إلى أربع حارات؛ حارة رأس القرية، وكانت تدعى جافة الهجر، ثم حارة المعْيَن؛ وفيها آثار مساكن بعض ملوك بني رسول وأقاربهم، وما يزال بعضُها عامراً إلى اليوم، وأدنى منها حارة التجاري، ثم حارة عُدافة وهي أسفل ذي عُقَيْب، وفيها بقايا ندارس بني رسول

وقد ترجم لـ(28) علماً من أعلامها

3- ذي مَحْدان: قرية خربةٌ غير معروفة المكان، وكانت تقع في عزلة وراف من أعمال ذي جبلة، وقد بحثتُ عنها عند العارفين من أهل المنطقة، فلم أجد عنهد علماً عنها، وأخبرني أحدهم أنه توجد قرية تحمل اسم محذان بالذال المعجمة من عزلة خَباز من ناحية العدين في الغرب من ناحية جبلة

4- رِعْيَان: قرية عامرة من عزلة المِعْشار من ناحية ذي جبلة، وتقع في السفح الشمالي لحصن المسواد جنوب مدينة إب، وشرق مدينة ذي جبلة

وقد ترجم لـ(2) من أعلامها

5- الضَّهابي: قرية عامرة من عزلة المكتب من أعمال ذي جبلة، ثم من أعمال لواء إب، وتقع في الجنوب الشرقي من جبلة

سكنها قومٌ يعرفون – كما في السلوك – ببني شعبان

وقد ترجم لـ(10) من أعلامها

6- عَرَشان: قرية عامرة من عزلة المكتب من أعمال ناحية جبلة، ثم من أعمال إب، وتقع في الجنوب الشرقي من جبلة على مسافة بضعة كيلومترات

كانت من القرى المقصودة لطلب العلم

وقد ترجم المرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع لـ(16) علماً من أعلامها

  مآذن بلا مذاهب  ارتبطت مدينة جِبلة التاريخية، فاتنة إب، بأهم مراحل ازدهار الحضارة الإسلامية في اليمن، وذاع صيتها إبان حكم الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، المرأة التي وحّدت اليمن وحَكمته، خلال الفترة بين عامي 1085 و1138 ميلادية، وترسخت في عهدها مفاهيم الحكم المتسامح

  تحيط بالمدينة سلسلة من المدرجات الخضراء والأودية والبساتين الغنّاء، التي تعد متنفسها الأوحد، في ظل استمرار الزحف العمراني على حساب الزراعة والمساحات الخضراء

  تبعد جبلة عن مركز محافظة إب، بحوالي سبعة كيلومترات غرباً، ويتوسطها جامعُ الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، وقصر العز- بيت الملكة أروى، المهدد بالخراب، وعددٌ كبير من المباني الأثرية التي تقاوم، بقوة تاريخِها ومعاني قيمة المكان، وحشيةَ الزحف العمراني وعشوائية البناء واللامبالاة تجاه النمط المعماري

  تعيش المدينة التاريخية، حالةَ اغتراب بفعل زحف قوالب الأسمنت والاستحداثات المعمارية في محيطها

الزائر لهذه المدينة تتجه عيناه مباشرة نحو جامع الملكة أروى، الذي ينتصب كشاهد عيان على حجم حضارة وتاريخ حقبة إسلامية مزدهرة

جبل التعكر يبدو كحارسٍ أمين لدرة أثرية تروي تاريخًا ناصعًا لمدينة كانت ذات يوم عاصمة للحكم المتسامح، إبان الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، التي سنت سلسلة من القوانين الاقتصادية الهامة في المجال الزراعي وتربية الثروة الحيوانية والعدل والقضاء والثقافة، وشهدت اليمن في عصرها تطورًا ملحوظًا في كافة مجالات الحياة

 تتميز جبلة بالجمع بين المعالم التاريخية والموقع الجغرافي، وتحيط بها المدرجات والمروج الخضراء، التي تواجه مخططات عمرانية تهدد جمال المدينة ورونقها بيوت شبيهة بالأبراجترجع مصادر تاريخية، منها كتاب طبقات فقهاء اليمن، الذي ألفه عمر بن سمرة الجعدي، أن تسمية جبلة بهذا الاسم، نسبة إلى رجل برع في الصناعات الحرفية القديمة، التي كان يمارسها في المدينة قبل أن تتحول إلى أشهر مدن اليمن، منذ منتصف القرن الخامس الهجري، عندما اتخذها مؤسس الدولة الصليحية عبدالله بن محمد الصليحي عاصمة لدولته

كان ذلك في العام 458 هجرية، وهي الدولة التي دامت أكثر من 90 عامًا، تمكن خلالها أمراء الدولة الصليحية من تحويل جبلة إلى مركز حضري وديني وعلمي، خاصة في عهد الملكة أروى بنت أحمد، التي أنشئت في عهدها أهم المعالم التاريخية

  تتميز جبلة بالجمع بين المعالم التاريخية والموقع الجغرافي المميز، إذ تحيط بها المدرجات والمروج الخضراء، التي تواجه مخططات عمرانية تهدد جمال المدينة ورونقها

ويوجد في المدينة عدد من السواقي القديمة وقنوات الري، التي كانت شريانًا للزراعة في منطقة جبلة ومحيطها

  قديماً كانت تسمى مدينة النهرين؛ لأنها تقع بين نهرين، كان الأول يصب من منطقة وراف، والثاني من جبل التعكر، فضلًا عن مساجدها الأثرية، البالغ عددها أكثر من 16 مسجدًا، أهمها وأبرزها مسجد الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، الذي يبلغ عمر بنائه أكثر من ألف عام

    بيوتها الأثرية المبنية من الحجر، تبدو كالأبراج، حيث يتكون بعضها من 6 إلى 7 طوابق، وعليها نقوش زخرفية بمثابة شواهد تاريخية على البناء الهندسي والمعماري المتميز لمدينة جبلة، ودليل على النهضة العمرانية التي ميزت تلك الحقبة من الزمن

  حين تمتد قدم الزائر نحو أزقتها وأحيائها القديمة، تتكشف أهمية ذلك البناء، وكيفية رصف شوارعها وأزقتها، وحجم معاناة المدينة جراء الإهمال وعدم الترميم، بل وهجران بعض البيوت من السكان، وتدمير بعض القصور، مثلما هو حاصل لقصر العز، الذي كان مقر حكم الملكة أروى، والذي يعاني الخراب والإهمال حالياً

ويعد قصرها الشاهق والواسع، الذي ما زالت بعض معالمه قائمة، من العجائب الذي تحدثت عنها الكتب والمؤلفات، وقد تناقل الناس الروايات عنه أنه كان مكونًا من 360 غرفة بعدد أيام السنة

 جوامع تاريخية   أمّا مآذنها الشامخة وجوامعها التاريخية، فهي قصة تُشَدّ إليها رحال الزائرين، لما تتمتع به هذه الجوامع من جمال هندسي وبناء معماري فريد يعبر عن حضارة عظيمة

  يعود معظم هذه الجوامع إلى عهد الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، المرأة التي وحدت اليمن وحكمته خلال الفترة بين 1085 و1138 ميلادية، وبها تجسدت شخصية المرأة اليمنية والعربية، كحاكمة تفوّقت على غيرها من الرجال الذين حكموا اليمن، وسادت بحكمها سياسيًّا، ولم تسُد به مذهبيًّا

   أصبحت الملكة أروى بنت أحمد مضربًا للأمثال في الحكم العادل، ما جعل منها رمزًا للحاكم المتسامح، واستطاعت خلال فترة حكمها أن تشيّد الكثير من المساجد ودُور العلم، وأنشأت السواقي الممتدة على عشرات الكيلومترات، مثل ساقية الجَنَد، التي كانت تمتد على مسافة أكثر من ثلاثين كيلومترا، مروراً بالكثير من المرتفعات

 مسجد الملكة أروى من المعالم، التي ما زالت شاخصة وشاهدة على الحضارة والسعة التي وصلتها عاصمة الدولة الصليحية، إذ يعد المسجد بما يحتويه من زخارف ونقوش إسلامية بديعة، واحدًا من العجائب الزخرفية

   لجامع الملكة أروى في جبلة مئذنتان؛ ووفقاً لتأكيدات ياسر الجرافي، قيِّم الجامع وأحد المهتمين بالتراث، فقد بنيت المئذنة البيضاء في عصر حكم الملكة قبل ألف عام

على هذه المئذنة نقوش وزخارف إحداها عبارة هذه لله والحمدلله، بالإضافة إلى زخارف باللغة الحميرية

أما المئذنة الثانية، فعمرها أكثر من 600 عام، وبنيت في عهد والي مدينة إب، عبد الله محمد باسلامة

ويواصل الجرافي حديثه لـخيوط عن الجامع، لافتاً إلى أنه يعاني من نقص في التمويل للحفاظ على مكوناته وملحقاته كمعلم أثري بارز

  وإذ يشير الجرافي إلى ضرورة الاهتمام بوقفية وملحقات الجامع، يشدد على أن أكثر مرفق يتطلب الترميم هي البِركة، إذ يخشى الجرافي -كما يؤكد- من تسرب المياه من البركة إلى تحت صومعة الجامع

  أما سطح الجامع والنقوش على المصندقات (الفواصل التي بين أخشاب السقف) الشبيهة بمصندقات الجامع الكبير بصنعاء، تعاني هي الأخرى من الإهمال

وخلال زيارتنا لـبهو الجامع والعقود، لُوحِظ معاناتها من الإهمال، حتى أن هناك أشجارًا بدأت تنبت في أحد عقود الجامع، دون أن يُعرف مدى تأثير جذورها على البناء

في منتصف الجدار الشمالي للجامع، يقع المحراب، وهو عبارة عن تجويف بسيط يبلغ عمقه حوالي (85 سم)، يعلوه عقد مدبب محمول على عمودين، عليهما زخارف نباتية وهندسية، ويحيط بالمحراب نقوش وكتابات عربية بالخط الكوفي أبواب ونقوشهذا الجامع التاريخي يعد، كغيره من جوامع جبلة وصوامعها ومآذنها، شاهد عيان على حقبة تاريخية مهمة في تاريخ اليمن، سادت فيها مفاهيم التسامح بصورة نموذجية

للجامع أربعة أبواب؛ باب الخلافة، وهو المؤدي إلى السوق القديم وإلى القصر، لكن حسب القائمين على الجامع، فإن هناك تسرباً للمياه من بركة قصر العز إلى الجامع

هناك أيضاً باب الرحمة ويطل على سوق الفخار، وباب البِرْكة ويطل على بركة المياه الخاصة بالجامع والحمامات التابعة له

أما الرابع، فهو الباب الرئيسي للجامع، وعليه زخارف تاريخية

ويظهر تاج الملكة أروى بنت أحمد الصليحي على بوابة الجامع، ويقال إنه كان عليه عدد من الياقوت والمرجان والعقيق اليماني، ولكنها اختفت مع مرور الزمن

  في منتصف الجدار الشمالي للجامع، يقع المحراب، وهو عبارة عن تجويف بسيط يبلغ عمقه حوالي (85 سم)، يعلوه عقد مدبب محمول على عمودين، عليهما زخارف نباتية وهندسية، ويحيط بالمحراب نقوش وكتابات عربية بالخط الكوفي

وغير بعيد منه، توجد مسبحة الملكة أروى، التي يقول القائمين على الجامع إن عدد حباتها كان يبلغ الألف حبة من الحجم الكبير، وتمتد إلى حوالي 6 أمتار، وهي بحاجة إلى متن (خيط) بجودة عالية، حتى لا تتآكل، كما تحتاج إلى صندوق زجاجي للحفاظ عليها

   وأمرت الملكة حسب المصادر التاريخية عندما انتقلت إلى مدينة جبلة عام (480 هجرية/ 1087 ميلادية)، بتحويل دار العز الأول إلى الجامع الذي ينسب إليها حالياً، حيث لا يزال قائمًا ومحتفظًا بعناصره المعمارية والزخرفية، التي يتبين من خلالها مدى تأثره بطراز العمارة الفاطمية؛ نتيجة العلاقات التي كانت بين الدولة الصليحية باليمن والدولة الفاطمية في مصر

 وصية الملكة أروىيعتبر ضريح الملكة أروى من أهم أضرحة القرن السادس الهجري، باعتباره الأثر الباقي من أضرحة الدولة الصليحية

وحسب ما تشير إليه المصادر والأبحاث التاريخية منها كتاب زكريا محمد مساجد اليمن: نشائتها وتطورها فقد بني، كما أمرت الملكة، في الركن الشمالي الغربي من الجامع، وأنها استثنت موضع ضريحها من بناء الجامع

كما أشارت في وصيتها وعاينها الشهود والقضاة، وقد دفنت في جامعها بذي جِبلة، أيسرَ القِبلة، في منزل متصل بالجامع، وكانت هي التي تولت عملية تشييده، وهيأت موضع ضريحها بنفسها

لكن هذا الضريح تعرض للاعتداء عام 1993، من قبل متطرفين، وتم إعادة بنائه لاحقاً

وبالمجمل، فإن مدينة جبلة التاريخية تعد متحفًا مفتوحًا ومكانًا ذا قيمة تاريخية وحضارية مهمة، حريٌّ بالجهات المعنية بهيئة الآثار والمدن التاريخية، ووزارات الثقافة والأوقاف، والسلطة المحلية، الاهتمام بهذه المدينة التاريخية، وإنقاذ معالمها من الاندثار