معوقات النقل… تحديات تواجه الحركة التجارية في مأرب

منذ 4 أشهر

مأرب – نورا فهد : شهدت محافظة مأرب تحولًا اقتصاديًا وازدهارًا ملحوظًا في الحركة التجارية خلال فترة الحرب، فمع تدفق أعداد كبيرة من السكان من عدة محافظات وخاصة الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي إليها

تجاوزت عدد النازحين إلى مارب مليوني نسمة، بحسب تقرير الوحدة التنفيذية للنازحين 2023م

وفي ظل التوسع العمراني والسكاني تحولت مأرب إلى بيئة استثمارية واعدة في اليمن

هذا الإقبال السكاني الكبير دفع بعجلة الحركة التجارية في مأرب، حيث وصل عدد تجار الجملة في المدينة التي كانت تقتصر على 20 تاجرًا قبل عام 2015م، إلى أكثر من 70 تاجرًا في 2023م، بحسب مدير إدارة استقرار الأسواق وحماية المستهلك بمكتب الصناعة والتجارة في مأرب سليم العضيلي، في حديثه لـ”المشاهد”

لكن، بالمقابل، تواجه السلع التي تغذي هذا النشاط التجاري معوقات وصعوبات كبيرة في الوصول إلى مأرب، فبعد إغلاق الطريق الرئيسي الرابط بين محافظة مأرب وباقي المحافظات اليمنية الأخرى في 2015م، بسبب الحرب، أصبحت شاحنات نقل البضائع تسلك طرقًا ومنافذ بديلة أطول مسافة وأكثر وعورة، مما يعوق تدفق السلع والبضائع إلى مأرب

يمكن لشاحنات نقل البضائع الوصول إلى محافظة مأرب من مختلف المحافظات في الوقت الحالي عبر ثلاثة منافذ بديلة، منفذين لتدفق البضائع والسلع إلى مأرب من المحافظات الشمالية أحدهما منفذ “الجوبة أو قانية” الذي يمر عبر خط “صنعاء -البيضاء -مأرب”، والآخر منفذ يمر عبر خط “نهم -الجوف وصولًا إلى مأرب”، فيما هناك المنفذ الوحيد لتدفق البضائع إلى مأرب من المحافظات الجنوبية، وهو خط يمر من عبر خط “العبر -صافر -مأرب”

هذه المنافذ البديلة، بالنسبة لنقل البضائع بالشاحنات، تتطلب وقتًا أكثر، وتتعرض لأضرار نتيجة الكثير من العوامل المتعلقة بوعورة الطرق البديلة

فقبل الحرب كانت الشاحنات تصل إلى مأرب من المحافظات الأخرى خلال 9 ساعات عبر المنفذ الرئيسي “صنعاء -نهم -مأرب”، أما اليوم فتقضي أيامًا عدة في الطريق بسبب طول المسافة وتعدد الحواجز، وناهيك عن ذلك تواجه الشاحنات خلال عبورها عبر هذه المنافذ البديلة تقطعات قبلية وصحراوية تعوق تدفق البضائع إلى مأرب

وحول المعوقات التي تواجه عملية نقل البضائع عبر الطرق الصحراوية إلى مأرب، يقول علي الحمدي، وهو سائق شاحنة، إنه تعرض لعملية تقطع في الصحراء أثناء عبوره خط “نهم -الجوف -مأرب”

ويضيف: “أثناء نقلي لحملة أسطوانات غاز إلى محافظة مأرب قبل عام، تعرضت لتقطع من قبل مجموعة مسلحة في الصحراء لا أعلم من يتبعون، وطلبوا مني مبالغ مالية تحت مسمى تحسين الرملة، ولم يكتفوا بهذا الحد، فبعد إعطائهم مطالبهم قاموا باحتجاز الشاحنة”

ويتابع الحمدي في حديثه لـ”المشاهد” أنه تم احتجاز الشاحنة لمدة يوم كامل، ولم يستطع استعادتها إلا بعد لجوئه لأحد المسيرين “الدليل” في المنطقة، والذي التقى بمحتجزي الشاحنة وقال إنه تابع الموضوع وأعاد الشاحنة

ويشير إلى أن نقل البضائع عبر الطريق الصحراوية وإن لم يتعرض سائق الشاحنة للتقطع، فإنه ملزم أن يدفع 200 إلى 300 ريال سعودي للدليل، وهو من أبناء المناطق القبيلة من أجل حمايته من التقطعات

أبناء القبائل يقومون أحيانًا باحتجاز شاحنات فيها بضائع من أجل الضغط على الحكومة لتنفيذ مطالبهمزكريا الضيعة، وهو الآخر سائق شاحنة، قال إن رجالًا من أبناء القبائل يقومون أحيانًا باحتجاز شاحنات فيها بضائع من أجل الضغط على الحكومة لتنفيذ مطالبهم، مشيرًا إلى أن آخر عملية تقطع قبلي شهدتها المنطقة كانت قبل خمسة أشهر

ويضيف الضيعة في حديثه لـ”المشاهد”، أن هذا الأمر يعرقل شاحنات نقل البضائع لفترات قد تصل إلى 10 أيام، مما يؤدي إلى تلف البضائع والسلع، وينتج عن ذلك خسائر كبيرة يتحملها التاجر

تؤثر هذه التقطعات بشكل مباشر على توافر السلع وارتفاع أسعارها، مما يزيد من معاناة التجار في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد

فارس شمسان، تاجر مواد غذائية في محافظة مأرب، يقول إن هناك الكثير من التجار الذين تعرضوا لخسائر مالية نتيجة تعرض بضائعهم لتقطعات أثناء مرورها عبر المنافذ البديلة، والتي تعرقل وصولها إلى المدينة، مما يؤدي إلى تلف هذه البضائع، بخاصة الألبان والأجبان

ويضيف شمسان لـ”المشاهد”، أنه نتيجة هذه التقطعات أوقف عملية استيراد البضائع والسلع من المحافظات الأخرى، معتمدًا على شركات هائل سعيد في عملية النقل لتوفير احتياجات السوق المحلية، موضحًا ذلك بالقول: نعمل حاليًّا وكلاء تابعين لشركات هائل سعيد، ويتم توصيل البضائع إلينا عبر شركات النقل التابعة لهم، وهم يتحملون المسؤولية الكاملة لوصول هذه البضائع إلى مخازننا

ويشير إلى أن هذه التقطعات وغيرها من معوقات نقل البضائع إلى مأرب، بالإضافة إلى اختلاف أسعار الصرف، أثرت بشكل مباشر على ارتفاع أسعار السلع في الأسواق المحلية بالمحافظة، موضحًا ذلك بالقول: “فعلى سبيل المثال بعد أن كانت تبلغ تكلفة حمولة الكيس الدقيق أو السكر الواحد 200 ريال يمني، أصبحت التكلفة اليوم 700 ريال يمني كحد أدنى قابل للزيادة في بعض الأحيان”

لم تقتصر آثار معوقات نقل البضائع إلى محافظة مأرب على التجار فحسب، حيث ألقت بظلالها على المواطنين، وأسهمت في زيادة معاناتهم وضعف قدرتهم الشرائية

يؤكد مدير إدارة استقرار الأسواق وحماية المستهلك بمكتب الصناعة والتجارة في مأرب سليم العضيلي، إن لمعوقات النقل، وبخاصة عمليات قطع الطرقات في الصحراء، أثرًا كبيرًا على ارتفاع الأسعار ومعاناة المواطنين

ويضيف العضيلي لـ”المشاهد” أن المواد الاستهلاكية سريعة التلف مثل الخضروات والفواكه، والتي يتم نقلها من محافظات أخرى إلى محافظة مأرب بحسب المواسم الزراعية، كان لها النصيب الأكبر في ارتفاع الأسعار

وعن تكاليف نقل البضائع يقول العضيلي إنها ارتفعت بشكل كبير مقارنة بما كانت عليه سابقًا بأكثر من 400٪ بسبب ارتفاع المشتقات النفطية وصعوبة الطرق ووعورتها، بخاصة الطرق التي تؤدي إلى محافظة مأرب عبر الصحراء

تم إنتاج هذه المادة بالتعاون مع مركز الدراسات والإعلام الاقتصاديليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير