مكتب المبعوث الاممي ينظم مناقشات فنية حول الاقتصاد والإصلاح المؤسسي والعدالة الانتقالية في اليمن
منذ ساعة
نظّم مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مناقشات فنية في عمّان عقدت في 28 و29 من سبتمبر 2025، جمعت عدداً من الخبراء اليمنيين والدوليين في مجالات الاقتصاد، والإصلاح المؤسسي، والقضاء، والمجتمع المدني، وحقوق الإنسان، والبحث الأكاديمي
وذكر المكتب في بيان صادر عنه أن المناقشات التي استمرت يومين ركزت على سبل معالجة الحوكمة الاقتصادية وتطوير الخدمات، إلى جانب استكشاف سبل تعزيز العدالة والإنصاف وضمان الموثوقية المؤسسية بما ينعكس بصورة ملموسة على حياة الناس اليومية، وذلك إدراكاً للأضرار الاقتصادية العميقة وتدهور الخدمات الأساسية نتيجة للنزاع المستمر منذ عقد من الزمن
ووفق البيان، أكد المشاركون ضرورة المضي في إجراءات عملية حتى في ظل غياب تسوية سياسية شاملة
وشددوا على أهمية اتخاذ خطوات فورية نحو إصلاحات عادلة تُركّز على الجوانب الاقتصادية، مع الإشارة إلى الحاجة الملحة للنظر في سُبل إنصاف المتضررين من النزاع، لافتين إلى إمكانية ربط هذه التدابير بتقوية المؤسسات، تُسهم في معالجة المظالم وتعزيز ثقة الناس
وأشار المشاركون إلى أن هذه الخطوات ينبغي أن تستند على إطار مناسب يضمن الشفافية والاستدامة
وقد أتاحت مناقشات عمّان فرصة لاستكشاف هذه الأفكار مع خبراء فنيين وتقييم مدى قابليتها للتنفيذ على نطاق أوسع في سياق أجندات الإصلاح الاقتصادي والعدالة في اليمن
وشدّد المشاركون على أن النزاع في اليمن خلّف أضراراً اقتصادية ممنهجة، من بينها الانخفاض الحاد في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وانهيار الخدمات، والفساد، والازدواجية المؤسسية، وتدهور قيمة العملة، وضعف شبكات الأمان الاجتماعي
وقد ساهمت هذه الوقائع في تسييس الاقتصاد واستخدامه كأداة للنزاع، مما عمّق انعدام الثقة العامة وأسهم في تدهور ظروف الحياة اليومية، لا سيما لموظفي القطاع العام، والأسر النازحة، والمجتمعات ذات الدخل المحدود
ولفت المشاركون إلى أن الانتهاكات التي تُدرج عادة ضمن الحقوق المدنية والسياسية ـ مثل الاعتقال التعسفي أو الإخفاء القسري ـ تترك بدورها تداعيات اقتصادية طويلة الأمد على الأسر والمجتمعات
وشدد المشاركون على أن مفاهيم مثل الإنصاف والعدالة وجبر الضرر يجب أن تُقاس من خلال تحسينات ملموسة في حياة الناس اليومية: مثل استقرار الدخل، وتوفير الخدمات الأساسية، واستعادة أو إعادة الممتلكات، وإيجاد فرص حقيقية للعمل وإعادة الإدماج
وأكد المشاركون أهمية أن تُبنى المناقشات على التجارب المعاشة بدلاً من المواقف الدبلوماسية، مما يفسح المجال أمام أصوات تعكس بصورة حقيقية وقع الصراع على حياة الناس
كما أكد المشاركون أن معالجة التداعيات الاقتصادية ضرورة أساسية، لكنها وحدها غير كافية لتوفير أساس شامل للمصالحة والسلام العادل المستدام
وأشاروا، على سبيل المثال، إلى أن جبر الضرر لا ينبغي أن يقتصر على التعويض المالي فحسب، بل يجب أن يشمل أيضاً إعادة الممتلكات، والتأهيل النفسي والاجتماعي والاعتراف بالضرر والاعتذار عنه، إلى جانب المبادرات المجتمعية وضمانات عدم التكرار، مشددين على أن اتباع نهج شامل وحده الكفيل بتقديم معالجة مجدية لمجمل الأضرار التي تكبدها الأفراد والمجتمعات
ومن هذا المنظور، وُصفت بعض التدابير بأنها خيارات سهلة التنفيذ يمكن تطبيقها على المدى القصير من دون التأثير على مخرجات التسوية السياسية المستقبلية
وشملت هذه الأمثلة: تعزيز الشفافية، وتوثيق الأضرار وإنشاء سجلات خاصة بها، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا وأسرهم، وتقديم الحماية، واستعادة الخدمات العامة الأساسية مثل السكن والصحة والتعليم، فضلاً عن تطوير أدوات إدارية موحدة لتوجيه برامج جبر الضرر المستقبلية
كما شدد المشاركون على أن تضمين هذه التدابير ضمن إطار قانوني واضح يُعد ضرورياً لمنع إساءة استخدامها، وضمان الحقوق، وتوفير اتساق في تطبيق مختلف أشكال سُبل الإنصاف
وأشار المشاركون إلى أن الربط بين الاقتصاد ومفاهيم العدالة الانتقالية وجبر الضرر يمكن أن يشكّل مدخلاً لتحقيق تقدم حتى قبل التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، معتبرين أن التدابير المرتكزة على الاقتصاد، إذا تم صياغتها بعناية، قادرة على بناء الثقة، ومعالجة المظالم العاجلة، وخلق زخم لجهود مصالحة أوسع نطاقاً
وأعرب مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن عن امتنانه للمملكة الأردنية الهاشمية على دعمها المتواصل في استضافة هذه المناقشات الحيوية، والتي تمثل خطوة مهمة ضمن الجهود الرامية إلى الدفع نحو عملية سياسية بقيادة وملكية يمنية