من قتل المصور الصحفي “فواز الوافي”؟

منذ 9 أشهر

في وقت متأخر من مساء الثاني والعشرين من مارس/ آذار 2022، عُثر على المصور الصحفي فواز الوافي (38 عامًا) مقتولًا في سيارته الخاصة، في منطقة وادي القاضي شمالي مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية (جنوبي غرب البلاد)

بعد مضي أكثر من عامين على حادثة مقتل الوافي، أحالت النيابة العامة متهما واحدا إلى المحكمة وصدر بحق المتهمين الآخرين قرار “ألا وجه لإقامة الدعوى الجزائية مؤقتا لعدم كفاية الأدلة”

غادر فواز منزله في نهار ذلك اليوم بعد أن تلقى اتصالًا هاتفيًّا، كان ذلك قرابة الساعة الثانية والنصف ظهرًا، بحسب رفاء فواز (16 عامًا) ابنة الصحفي الوافي، إذ تقول في حديثها لـ”المشاهد”، إن والدها غادر المنزل في يوم الحادثة بعد أن تناول وجبة الغداء معها ومع أخيها وجدتها، وذلك عقب تلقيه مكالمة هاتفية، لم يخبرهم من المتصل به

وتضات رفاء أن والدها سبق أن أخبرها في اليوم السابق من حادثة مقتله، بأن لديه مشوارًا -موعدًا- وطلب منها أن تقوم بكي ملابسه بعد أن تعود من المدرسة

غادر فواز المنزل دون أن يخبر عائلته عن المكان الذي سيذهب إليه

لكن رفاء توضح أن شقيقها شادي (13 عامًا) شاهد والده في حي حوض الأشراف، قادمًا من اتجاه النقطة الرابعة، متجهًا صوب حي الثورة شرقي المدينة، وكان بجواره شخص في المقعد الأمامي بالسيارة

بعد ذلك الوقت حاولت رفاء الاتصال بوالدها، لكن لم تتمكن من الوصول إليه

ويعد الوافي ضمن عشرات الضحايا من الصحفيين، الذين فقدوا حياتهم خلال السنوات العشر الماضية، في اليمن

ووفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان واليونسكو، في بيانهما الصادر بتاريخ 2 نوفمبر 2023، فإن اليمن تشهد انتهاكات مستمرة بحق الصحفيين، تنوعت بين القتل والتهديد والاعتداءات والاعتقالات والاحتجاز التعسفي، والتحريض

حيث أدانت اليونسكو وفقًا لبيان المفوضية الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مقتل 40 صحفيًّا يمنيًّا، قتلوا منذ 2011

وقالت المفوضية إنه لم يتم حل أية جريمة قتل حتى الآن، حسب المعلومات التي تلقتها اليونسكو

وفق تحقيقات نيابة استئناف محافظة تعز فإن الوافي تم “استدراجه وقتله بسلاح ناري”، ومن ثم نقله على متن سيارته الخاصة (نوع تويوتا)، إلى منطقة وادي القاضي، وترك جثته داخل السيارة

توضح التحقيقات التي اطلع عليها “المشاهد” في ملف قضية الوافي، والتي لاتزال منظورة أمام القضاء، حتى نشر التحقيق، أن الوافي غادر منزله الواقع في حوض الأشراف، تعز، بعد ظهر يوم الحادثة، متجهًا نحو حي النقطة الرابعة، وصولًا إلى القرب من مستشفى الثورة العام، ليتوقف هناك لغرض شراء القات، ثم واصل لاحقًا السير من أمام المستشفى، وجوار مكتب الأحوال المدنية، ومستشفى الصفوة (سابقًا)، وصولًا إلى حي الضبوعة ثم التحرير الأسفل وحي السلخانة، ودخوله إلى حي المسبح الأسفل بمديرية القاهرة وسط المدينة

بحسب تقرير النيابة، فقد أظهرت كاميرات المراقبة الخاصة بالشوارع الرئيسية، والمحلات التجارية، أن آخر ظهور للوافي كان في حارة النجيشة بالمسبح الأسفل عند الساعة 03:41 مساءً، وكان يقود السيارة وبرفقته شخص يحمل سلاحًا “آلي”

في ذات الحي اختفت سيارة الوافي نظرًا لعدم وجود كاميرات مراقبة، حتى الساعة الثامنة والربع مساءً، ظهرت السيارة من أمام مطعم الشميري الكائن وسط حي المسبح (المسافة بين حارة النجيشة ومطعم الشميري قرابة 500 متر)، ونوافذ السيارة مغلقة ومعكّسة ولا يظهر فيها السائق، متجهة إلى حارة الضربة مرورًا بمبنى شركة النفط (مقر المحافظة المؤقت)، لتتجه بعد ذلك إلى خط وادي القاضي

ونظرًا لعدم وجود كاميرات مراقبة لم يتم رصد المكان الذي توقفت فيه السيارة التي عُثر عليها في نهاية خط وادي القاضي، وبالتحديد جوار محطة الشرعبي ومطعم السنفاني

وبحسب تقرير النيابة فإنه عُثر على جثمان الوافي في المقعد الخلفي للسيارة، وأنه تم تجميع كراتين فوق الجثة، وصب مادة البترول عليها تمهيدًا لإحراقها؛ في محاولة لطمس معالم وآثار الجريمة

فيما التقرير الفني المصور والصادر عن إدارة الأدلة الجنائية بمحافظة تعز، قال إن الآثار الظاهرة على جسد الصحفي الوافي، ومكان الإصابة، يدلان على أنه تم الإمساك به في يديه عندما تم قتله، وكذلك حصول تشنجات أصابع يدي المجني عليه، والتي يستدل منها -بحسب ذات التقرير- على خوفه عندما تم قتله وهو يشاهد ذلك

وكانت هناك شائعات تتحدث عن أن المصور الصحفي فواز الوافي، قد قتل بالسلاح الأبيض طعنًا، لكن وبحسب تقرير الطبيب الشرعي رقم 66 بتاريخ 30 مارس 2022، فإن المجني عليه توفي إثر طلقة نارية في جسمه، وأن مدخل ومخرج الطلقة النارية من مسافة صفر

والدة الصحفي فواز الوافي رقية حسن القرماني (60 عامًا) تؤكد أنها منذ نحو عامين وهي تبحث عن قتلة ابنها، لكن دون جدوى، إذ تقول: “لي سنتين أجري من مكان لمكان ومن محكمة لمحكمة وأني أدوّر عن قتلة ابني، وللآن ما ألقوا القبض على كل المتهمين”

في أول تحقيق لأسرة الصحفي الوافي في البحث الجنائي بعد الإبلاغ عن مقتله، اتهمت الأسرة شخصًا يدعى “هـ

ع” وأخاه “ج

ع”، وقريبهما يدعى “أ

ع”، لكن وبعد التحقيقات مع المتهمين، وأصدقاء فواز، تبين أن هناك أكثر من متهم

وتم ذلك الاتهام، بحسب ابنة المجني عليه، بسبب أن والدها كان يشك أن المدعو “هـ

ع”، يراقبه بالحارة التي يسكن فيها، لأنه تفاجأ ذات يوم عندما وجد “هـ

ع” في القرب من منزله، وتساءل: “ما الذي يفعله في حارتنا؟”، وكان ذلك قبل نحو أسبوعين من حادثة القتل

وأشارت ابنة المجني عليه، رفاء، إلى أن والدها حدثهم ذات مرة، وبعد أن قام كل من “هـ

ع” وأخيه “ج

ع”، بعزومة فواز -دعوة ضيافة- إلى منزل الأخير، لغرض جلسة مضغ القات، وبعد عودته إلى المنزل حدثهم أن “هـ

ع” و “ج

ع” يعتقدان أن له علاقة في حادثة مقتل أخيهم (ع

ع الملقب بـ”أ

س”)، والتي حدثت في العاصمة المؤقتة عدن في آواخر العام 2021، وكان فواز بجواره حينها

تقرير النيابة العامة بتعز، والذي حصل “المشاهد” على نسخة منه، يوضح أن المتهم في حادثة مقتل “ع

ع”، هو “ن

ص” والذي كان حينها مسؤولاً لدى وزارة الداخلية الحكومية بعدن، بالإضافة إلى مسلحين آخرين، وفقًا للتقرير

وسبق أن تعرض الوافي، في منتصف العام 2017، أثناء عمله الصحفي، لإصابه بطلقة قناص تابع لجماعة الحوثي (أنصار الله) اخترقت رأسه، في منطقة كلابة شمالي مدينة تعز

رابط من أعمال المصور الصحفي فواز الوافي– 19 نوفمبر 2019وبحسب ما أوضحته والدة المصور فواز، فإنها أقدمت على بيع سيارة فواز، ومجوهراتها، إضافة إلى خسارة مبالغ كبيرة، وذلك لمتابعة القضية وتكاليفها، في ظل التأخير الحاصل للقضية في المحكمة، وهو ما يزيد من تعرضها لخسارة أموال أخرى، تقول رقية

في تاريخ 24 يونيو/ حزيران 2022، شُيّع جثمان الصحفي فواز إلى مثواه الأخير، وذلك بعد مرور ثلاثة أشهر من الواقعة، وعدم الوصول للمتهمين الرئيسيين

ووفقًا لتقارير النيابة فإن هناك 6 متهمين في واقعة مقتل الوافي، ثلاثة منهم متهمون بشكل رئيسي، أحدهم صدر قرار اتهام بحقه ومايزال في السجن، وتم الإفراج بالضمانة عن كل من “ج

ع”، وقريبه “أ

ع”، بعد صدور قرار بأن لا وجه للدعوى بحقهما “مؤقتا لعدم كفاية الأدلة

فيما المتهمون الآخرون، بحسب النيابة، هم: “س

إ”، و “م

أ”، و “م

ع”، وقد صدر بحقهم أيضًا قرار بأن لا وجه للدعوى، من بينهم أشخاص لهم نفوذ وعلاقات مؤثرة في السلطات المحلية”

عبدالعليم السروري، أحد أقارب الصحفي فواز الوافي، يقول إن فواز كان من الأشخاص الاجتماعيين الذين يحبون التعايش مع الناس وتقديم المساعدة للآخرين، وكان لا يوجد لديه أية خصومات، ويشير إلى أن آخر تواصل مع قريبه فواز قبل شهر من حادثة مقتله، وأنهم لجأوا للقضاء لمعرفة ملابسات حادثة مقتله ومرتكبي الجريمة

أظهرت صور كاميرات المراقبة التي حصل عليها “المشاهد” -تم التحقق من صحتها- أن شخصًا يدعى “م

أ”، كان متواجدًا بجانب الصحفي فواز في السيارة بعد خروجه من المنزل واتجاهه إلى المكان الذي استدرج إليه، وهذا ما أكده محامي المجني عليه، أحمد النجدي، ورفاء فواز، إذ أكدا أنه بمجرد النظر والتركيز في الصور التي تم استخراجها من مقاطع كاميرات المراقبة، وأثناء عرضها على أسرة فواز من قبل البحث الجنائي آنذاك، يتبين أن الذي بجانب فواز، وهو آخر شخص رافق المجني إلى مكان الجريمة، هو “م

أ”، وتم التحقيق معه، وصدر بحقه قرار بأن لا وجه للدعوى “مؤقتا لعدم كفاية الأدلة”

وبحسب المادة 84 من قانون الإجراءات الجزائية اليمني فإن المتهم “م

أ” الذي صدر بحقه قرار من النيابة بأن لا وجه للدعوى، يعد أحد مأموري الضبط القضائي بالمحافظة

تحدثت أسرة المصور الصحفي فواز الوافي، في بيان لها، بعد مرور نحو شهرين ونصف من واقعة مقتل فواز، عن محاولات لطمس آثار الجريمة، وأن الشرطة والنيابة “تباطأتا كثيرًا رغم الفترة الكبيرة ومعرفة المتهمين وأماكن اقامتهم”، وأشارت الأسرة إلى أنه تم “الإفراج عن ثلاثة متهمين، وبعد الضغط تمت إعادتهم”؛ معتبرة ذلك “تلاعبًا واضحًا ومنحازًا على حساب القانون والمجتمع”

البيان صدر في 14 يونيو/ حزيران 2022، أثناء وقفة احتجاجية لأسرة الوافي أمام مبنى النيابة العامة بتعز، للمطالبة بضبط المتهمين بواقعة مقتل فواز

مصدر حقوقي خاص طلب عدم نشر اسمه، قال لـ”المشاهد”، إن هناك تقصير ومماطلة في قضية الصحفي فواز الوافي، وهو ما جعل القضية أكثر غموضًا، وأشار إلى وقوف مسؤولين -لم يتم تحديدهم- خلف ذلك التواطؤ

وهذا ما يؤكده أيضًا المحامي النجدي، إذ يقول إن “هناك تقصيرًا من قبل جهات الضبط والتحري في المدينة، تمثل بعدم احتجاز بعض المتهمين سواءً المقربين من فواز أو من ثبت تواصلهم معه في يوم الواقعة، وتفتيش هواتفهم، ومعرفة تحديد آخر موقع تواجد فيه هاتف فواز خلال وقت اختفاء السيارة في منطقة المسبح الأسفل، وأخذ بصمات جميع المتهمين، بمن فيهم أصدقاء فواز المقربين”

ويضيف النجدي لـ”المشاهد”، أن الحي الذي اختفت فيه سيارة الوافي عن كاميرات المراقبة لأكثر من أربع ساعات، وظهورها منه بعد ارتكاب الجريمة بحق الوافي، يتواجد في ذلك النطاق الجغرافي -حي المسبح الأسفل- منزل أحد المتهمين، وأن عدم نزول الجهات المختصة إلى منازل المتهمين الثلاثة الرئيسيين بعد الواقعة، بخاصة وأن فواز تم استدراجه إلى مجلس مقيل، أي أنه تمت عملية القتل أثناء جلسة المقيل، يعد تقصيرًا وإهمالًا

إذ إنه لا بد أن تتوفر بعض الأدلة -في مكان واقعة قتل الصحفي- كما يشير النجدي، مثل آثار الطلقة النارية في الجدران أو مكان جلوسه، وسيتضح إذا حاول المتهم إخفاء علامات الأدلة في الأيام الأولى لحدوثها

وأوضح أن هناك متهمين آخرين في الاشتراك بالواقعة لم يتم تحويلهم إلى المحكمة بسبب انعدام الأدلة الكافية، وأنه قد تم استئناف قرار النيابة العامة (قرار بأن لا وجه)، لتتم إعادة التحقيق معهم، بخاصة بعد تناقض أقوال بعض المتهمين، بالذات المتهم “م

أ” -الشخص الذي أظهرت كاميرات المراقبة أنه آخر من رافق فواز- وذلك أثناء التحقيقات الأولية معهم أكثر من مرة

مطالبًا بتحديد جميع المتهمين وتحويلهم إلى المحكمة، لكشف المتورطين الرئيسيين في الحادثة، ومن يقف خلفهم

وبحسب متابعة “المشاهد” لسير القضية عبر المحامي وأسرة الصحفي الوافي، فإن المحامي الآن يعمل على استئناف قرار أن لا وجه للدعوى مؤقتا الذي أصدرته النيابة، لكي تتم إعادة التحقيق مع المتهمين الذين لم يتم احتجاز بعضهم، خصوصًا المتهم “م

أ”، الذي تناقض بأقواله، كما يشير المحامي، والذي يعد أحد مأموري الضبط القضائي بتعز

أدى الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في اليمن، إلى زيادة انتشار الجرائم ضد الصحفيين في مختلف المحافظات اليمنية، وهو ما يهدد العمل الصحفي في البلاد التي تشهد حربًا مستعرة منذ 9 أعوام

باتت مهنة الصحافة من أكثر المهن خطورة في اليمن، بحسب ما أكدته 51 منظمة محلية ودولية، في بيان مشترك، في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2023

ودعت المنظمات، في البيان، إلى إنهاء حالات الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في اليمن، حيث قالت إنه “في 52 حالة من أصل 54 حالة قتل، يفلت القتلة من العقاب، ويتم حرمان الضحايا من الإنصاف”، بينهم المصور الصحفي فواز الوافي

المحامي والناشط الحقوقي عمر الحميري، يقول خلال حديثه لـ”المشاهد” إنه دائمًا ما تزيد قضايا الجرائم ضد الصحفيين في الأوقات التي تغيب فيها سلطات العدالة، وغياب فاعليتها -كما يحدث الآن في اليمن بسبب الحرب- سواء أجهزة الضبط الأمنية أو أجهزة القضاء، المعنية بتطبيق العقوبات على الفاعلين

ويضيف الحميري: “نجد أن هناك سلسلة من الجرائم ضد صحفي واحد، يتعرض لها من جهة واحدة أو من أشخاص بعينهم”

وتعود أسباب الانتهاكات بحق الصحفيين، كما يؤكد الحميري، غالبًا إلى عملهم في نقل الحقيقة، ويواجهون بها كل ذي مصلحة، فقد يجد الصحفي نفسه في مواجهة لوبيات وقوى من أصحاب المصالح غير المشروعة، والتي بسببها يتعرضون لأنواع الانتهاكات من قتل وتهديد واعتقال، والحبس التعسفي، والإهانة، وتسريح مصادر دخلهم

بحسب الحميري فإنه لا بد ما يكون هناك اهتمام من الجهات الحكومية كوزارة الإعلام والجهات الأمنية، والذي ينعكس إيجابًا نحو الصحفي، وسلبًا في حال عدم توفر ذلك الاهتمام، يتمثل العمل على تأمين ممارسة الصحفي لمهنته والحصول على المعلومة، وحرية التنقل بين المحافظات ومنع التعرض له، ولكن غالبًا ما يتأثر أثناء الحرب والنزاعات ومراحل غياب السلطات ذات الكفاءة، وهو ما يحدث الآن، والذي نتج عنه تعرض الكثير من الصحفيين لممارسات تعسفية، كان بإمكان السلطات الحكومية أن تمنع وقوعها

يمتلك الصحفي حماية دولية ووطنية في ممارسة مهنته وحرية الرأي والتعبير، نص عليها القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، وحرية الرأي والتعبير العالمي، والتشريعات الدولية والبروتوكولات، كما يؤكد ذلك الدستور اليمني، والتشريعات المحلية المتمثلة بقانون الصحافة والمطبوعات رقم 25 لسنة 1990م، ولائحته التنفيذية، إذ تنص فيه المادة رقم 6 على “حماية حقوق الصحفيين والمبدعين وتوفير الضمانات القانونية اللازمة لممارسة المهنة وحقهم في التعبير دون تعرضهم لأي مساءلة غير قانونية يكفلها القانون، ما لم تكن بالمخالفة لأحكامه”

مسؤول وحدة الحقوق والحريات في نقابة الصحفيين اليمنيين فرع محافظة تعز، زكريا الكمالي، يقول إن هناك أكثر من 1600 انتهاك طال الحريات الإعلامية في اليمن منذ بداية الحرب (2015 – 2023)، منها 45 حالة قتل

ويضيف الكمالي أنه ورغم البيئة المعادية، إلّا أن النقابة قامت وتقوم بتبني قضايا الصحفيين، سواء برصد وتوثيق كافة الانتهاكات التي حصلت، والتأكيد على ضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم، كما تحرص على تدريب الصحفيين على قواعد السلامة المهنية أثناء النزاع بهدف الحفاظ على حياتهم

وبالنسبة لقضية المصور الصحفي فواز الوافي، يشير الكمالي إلى أن النقابة قامت حينها برصد الحادثة، وتنتظر حكم القضاء بما أن القضية أصبحت في المحكمة، لكنها تأمل أيضًا من أسرة الضحية موافاتها بمستجدات القضية، وتؤكد أنها لن تتوانى عن تقديم العون لأي صحفي يطلب ذلك

يقول مدير برنامج الدعم الطارئ في مرصد الحريات الإعلامية في اليمن خليل كامل، لـ”المشاهد” إن “المرصد لا يتدخل في عمل القضاء، ولكن يتم تقديم الدعم القانوني والمشورة والمساندة، لكي يكون هناك محاكمة عادلة في قضايا الصحفيين، وهذا ما ينطبق على قضية فواز الوافي التي يفترض أن تتم في مسار قانوني واضح، ووفقًا لإجراءات محاكمة عادلة، وأن المرصد عمل على تعيين محامٍ لمتابعة القضية والترافع أمام النيابة والمحاكم

ويضيف كامل: “للأسف أغلب هذه الانتهاكات تسجل ضد مجهولين

خلال سنوات الحرب في اليمن، سجل المرصد 54 حالة قتل لصحفيين، بينهم صحفيتان، والمؤسف أنه في جميع الحالات يفلت الجناة من المساءلة والعقاب”

ويشير الكمالي إلى أن نقابة الصحفيين دائمًا ما تؤكد أن جرائم القتل والاغتيالات لا تسقط بالتقادم، وتدعو السلطات والتشكيلات إلى فتح تحقيق في الانتهاكات المرتكبة منذ بداية الحرب، كما تدعو الأمم المتحدة والوسطاء الدوليين في عملية السلام، إلى إلزام كافة الأطراف بالإفراج عن الصحفيين المعتقلين والمخفيين قسرًا، والتحقيق في كافة الانتهاكات، والالتزام بتوفير بيئة آمنة للعمل الصحفي

ويضيف أنه لايزال هناك خمسة صحافيين معتقلين لدى أطراف مختلفة، اثنان منهم لدى جماعة الحوثي (وحيد الصوفي [مخفي قسرًا]، ونبيل السداوي)، فيما لايزال الصحفي أحمد ماهر معتقلًا لدى المجلس الانتقالي بعدن، والصحفي ناصح شاكر مخفي منذ ١٨ نوفمبر الماضي في عدن، أما الصحافي محمد قائد المقري، فهو مخفي قسرًا لدى تنظيم القاعدة منذ العام 2015

وحتى الآن لا يمكن تحديد علاقة مقتل الصحفي الوافي بشكل قطعي هل هي متعلقة بنشاطه الإعلامي أم لا، بخاصة بعد تعرضه لطلقة قناص تابع للحوثيين قبل خمس سنوات من حادثة مقتله

يقول كامل: “قضية فواز مازالت متشعبة ومتداخلة، وبانتظار الأجهزة القضائية في تعز أن تقوم بدورها في محاكمة المتهمين، والقيام بكل الإجراءات التي تتطلبها القضية، وتأمل أسرة الوافي أن ترى حكمًا في القضية لتحقيق العدالة ورد الاعتبار لأسرته”

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير