من هي جماعة التبليغ ؟ ولماذا توقف نشاطها في مناطق سيطرة الحوثي ؟
منذ 2 سنوات
صنعاء – أزد عامر:تعرضت جماعة التبليغ الدينية، خلال السنوات الأخيرة، لحملات مضايقة كبيرة، في مختلف المدن والمناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي، ما أدى إلى انحسار معظم أعمالها الدعوية التي كانت تمارسها خارج أو داخل المساجد التي تتركز فيها، أحيانًا وصلت حد التوقف بصورة شاملة
ورغم انحصار أنشطتها الدينية في مجال الدعوة إلى الله كما يقول أعضاء الجماعة ، وبُعدها عن القضايا السياسية، وعدم خوضها في الشأن العام المحلي، إلا أن أنشطة الجماعة حسب منتمين للجماعة أصبحت محل قلق لجماعة الحوثي اتخذت قرارًا بمنع جماعة الدعوة من ممارسة أي نشاط ديني يُذكر
يقول الخمسيني جميل رسخان، أحد ناشطي جماعة التبليغ، لـ”المشاهد”: “نحن هدفنا نشر الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، لا نتدخل في الشأن السياسي، ولا في ما يحدث داخل البلاد، مع ذلك أوقفوا كل أنشطتنا، ومنعونا من القيام بأي عمل ديني”
آلية العملتقوم الجماعة في نشاطها الدعوي ، بسلسلة خواطر دينية تلقيها داخل المساجد التي تنطلق منها للعمل، ثم تنظيم الرحلات والزيارات الميدانية لمنتسبيها إلى بعض المناطق، حيث يتوزعون على هيئة جماعات مصغرة يتزعم كل فريق شخص منهم يعرف بـ”أمير الجماعة”
الحاج عبده حرازي، مشرف سابق على بعض رحلات تلك الفرق الميدانية التابعة لجماعة التبليغ، يقول لـ”المشاهد”: “كنا في السابق ننظم برامج زياراتنا الدعوية إلى بعض المحافظات، لدينا أمير للجماعة يرشدنا، ومعنا كل المتطلبات من تغذية ووسيلة النقل، لم نواجه أي عراقيل ونحن نطوف كثيرًا من أرياف ومدن البلاد”
وتحدد فترات الخروج للأعضاء المتطوعين، بثلاثة أيام حسب عبده الحرازي في الشهر وأربعين يومًا في السنة، وأربعة أشهر في العمر على أقل تقدير، وفقًا للحالة الإيمانية للمنتسب
أسباب المنعنأت الجماعة بعناصرها عن الانخراط ومساندة الحوثيين في الأعمال التي يمارسونها في المدن والمناطق الخاضعة لسيطرتهم، واتخذت الحياد من جراء ما يحدث بين الأطراف اليمنية المتنازعة موقفًا صريحًا لها، رغم توجيه الحوثيين دعوة للجماعة باتخاذ موقف تأييدي لتحركاتها على كافة المستويات
يقول أحد منتسبي جماعة الدعوة لـ”المشاهد”: “نحن اتخذنا موقفًا محايدًا من جميع الأطراف المتنازعة، هذا السبب الذي أدى إلى منعنا من ممارسة أي نشاط دعوي”
ويقف العامل السياسي خلف أسباب حظر الجماعة من مزاولة أنشطتها، بخلاف أوجه التباين الدينية للجماعة مع المذهب الزيدي، الذي يحد من تواجد نشاط الجماعات الأخرى في حال أصبح مرجعًا للسلطة الحاكمة، كما يحدث حاليًا
من هم؟تُعرف بجماعة التبليغ أو الدعوة أو “الأحباب”، وهي جماعة إسلامية عالمية تأسست في عشرينيات القرن الماضي، بواسطة الداعية الهندي محمد إلياس الكاندهلوي، وحققت انتشارًا واسعًا في دول العالم المختلفة، من بينها اليمن التي يتواجد فيها عدد كبير من المنتسبين للجماعة، التي بدأت بمزاولة أنشطتها علنيًا مطلع السبعينيات
ويعتمد أسلوبها الدعوي على الجانب العاطفي للترغيب وتحقيق التأثير الروحاني، كمحاولة منها لتبليغ الدعوة الإسلامية، ووعظ المتساهلين من المسلمين إلى الصلاة، إضافةً إلى سعيها لنشر الإسلام في البلاد غير المسلمة
عبدالمولى العرشاني، أحد المنتسبين للجماعة، يقول لـ”المشاهد”: “نحن جماعة تنشر الدعوة والموعظة الحسنة، نسعى لإدخال الدين الإسلامي في بقاع الأرض”
وتفتقر الجماعة للترتيب والتنظيم في هيكلها العام، حيث لا يوجد ناطق رسمي لها، ولا مخاطب أو ممثل معتمد، كما أنها لم تكشف عن حقيقة مصادر تمويلها للقيام بتلك الأنشطة
بحسب ما أضافه رسخان، فإن “أعضاء الجماعة ينفقون من أموالهم الخاصة والشخصية، في سبيل العمل الدعوي، تمويلنا كله ذاتي”
وقبل اندلاع النزاع المسلح في اليمن، كانت الجماعة تنظم مؤتمرًا سنويًا في محافظة الحديدة (غرب البلاد)، يفد إليه عشرات الآلاف من المنتسبين للجماعة، من داخل الوطن أو من دول إقليمية وعربية وأجنبية
الجماعة تُقدم نشاطها الدعوي حسب باحثين بمفاهيم دينية بسيطة، معظمها يغلب عليها طابع سطحي محض، خلافًا لبعض الجماعات الدينية الأخرى، التي تحكمها الأيديولوجيا، وعناصرها يخضعون لتحقيق الأهداف التي تخص كل جماعة بعينها
الباحث في شؤون الجماعات الدينية خالد حسين متاش، أكد في حديثٍ لـ”المشاهد“: “تحتاج جماعة الدعوة إلى إلمام شامل ووعي متكامل، بما تقوم به في مجال الدين، لأن أفرادها وعيهم بسيط وأفكارهم سطحية، لم يحققوا أي تأثير، بشكل عام، بعد حالهم، لم يضروا أحدًا”
ولم يقتصر نشاطها الدعوي على المساجد التي تحط فيها رحالها، بل تستهدف في برنامجها الناس في الأسواق وأصحاب المحال التجارية وأماكن التجمعات
النشاط محظورواشتملت المضايقات التي مورست بحق الجماعة، على المنع من إقامة الفعاليات الخاصة بها، واحتجاز بعض عناصرها أو اعتقالهم، إضافةً إلى ملاحقة البعض ومطاردة آخرين في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي
توالت سلسلة الانتهاكات التعسفية التي مارستها سلطات الحوثي بحق جماعة الدعوة، في مدن ومناطق مختلفة، حتى أصدرت وزارة الأوقاف والإرشاد التابعة لجماعة الحوثي، أواخر العام 2020، تعميمًا رسميًا بحظر أنشطة جماعة الدعوة والتبليغ في كل المناطق الخاضعة لسيطرتها
يؤكد الأربعيني محمد سعد الذرحاني، أحد عناصر جماعة التبليغ، في حديثه لـ”المشاهد” بقوله: “تعرض العشرات من أفرادنا للمضايقات والاعتقال، وصل الأمر إلى حظر أنشطة الجماعة خارج المساجد في المناطق التي نزورها”
وأشار قرار الحظر لجميع مدراء مكاتب الأوقاف والإرشاد في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الواقعة ضمن سيطرة الحوثي، “بمنع أي تحرك لجماعة الدعوة والتبليغ، وإيقاف تحركاتهم خارج مساجدهم”
وشدد التعميم على ضرورة رصد جميع التحركات الخاصة بالجماعة، كونها لم تلتزم بخطابها الديني، ما يواكب المرحلة والظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد
ونأت جماعة التبليغ بنفسها عن المشاركة في الحرب الدائرة في البلاد منذ سنوات، إضافةً إلى عزوفها عن التدخل أو الخوض في أي عملٍ سياسي
ليصلك كل جديدالاعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير