من هي نعمة رسام التي أيقظت اليمنيين مؤخرًا؟

منذ 3 سنوات

من هي نعمة رسام التي أيقظت اليمنيين مؤخرًا؟ مبارك الحيدري  ====================================تزامنًا واحتفالات الثورة اليمنية، سبتمبر وأكتوبر، لمع في الأثناء اسم مدرسة نعمة رسام في مدينة تعز، جنوبي غرب اليمن، بفعل تقديمها عروضًا كرنفالية وفنية لافتة خاصة مع الذكرى الـ60 لثورة 26 سبتمبر، إلى جانب مهمتها الأساسية في تعليم النشء والشباب، لتصبح أنموذجًا علميًا ووطنيًا تبعتها عديد المدارس على امتداد محافظات

يدفع الفضول غير واحد لمعرفة تاريخ هذه المَدرَسة وشيئًا عن حياة نعمة رسام، التي تتلمذت في مدرسة سبأ قبل أن تُسمى باسمها نهاية تسعينيات القرن الفارط؛ تقديرًا لخدمتها في السلك التربوي

نعمة أحمد رسام بجاش، قامة تربوية من الرعيل الأول، ولدت عام 1960، قبل عامين من الثورة السبتمبرية، في مدينة تعز

وهي أم لـ خمسة أولاد وبنات: ماهر، رانيا، سارة، سماء وأصغرهم محمد الشهابي الذي قُتل في واقعة مأساوية على يد مسلحين أمطروه بوابل من الرصاص في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2021 بمنطقة الحوبان الخاضعة لسيطرة الحوثيين، شمالي تعز، فيما لم تأخذ العدالة مجراها حتى الآن، وهو أب لثلاثة أطفال

التحقت رسام بمعهد المعلمات في المدينة ذاتها، بمثابة الابتدائية، قبل أن تتعاقد مع مكتب التربية للتدريس في المعهد عينه بداية السبعينيات، وواصلت دراستها إلى ذلك حاصدة شهادة الدبلوم العام، فـ عُيّنت وكيلة فمديرة للمعهد على التوالي

نالتْ دبلومًا كذلك في مجال الإدارة المدرسية من مشروع إعداد المعلمين، منتصف الثمانينيات، كما التحقت بكلية التجارة جامعة صنعاء، رغم انشغالها في إدارة مدرسة سبأ التي بُنيت عام 1971 على نفقة دولة الكويت، والتي تأسست أولًا كمعهد للمعلمات قبل تحويلها لمدرسة ابتدائية للبنات، مطلع العقد التالي، في مديرية المظفر وسط مدينة تعز

الرحيل الفاجعولما كانت نعمة رسام مثالًا للمعلم، ونظرًا لجهودها في السلك التربوي وما قدمته خلال ربع قرن من الزمن، اُختيرت من قبل وزارة التربية والتعليم في الحكومة اليمنية كـ أحد المتميزين بـ يوم تكريم المعلم، أبريل/نيسان 1999

وفيما كانت عائدة من العاصمة صنعاء، حيث كُرمت من قبل وزير التربية والتعليم آنذاك الدكتور يحيى الشعيبي، تعرضت لحادث سير في الطريق إلى محافظة تعز أودى بحياتها مساء الثلاثاء 27 أبريل/نيسان 1999

وعقب الحادثة، في اليوم التالي، أصدر الوزير الشعيبي، الذي يشغل حاليًا مدير مكتب رئاسة الجمهورية، القرار رقم 133 بتغيير اسم مدرسة سبأ إلى مدرسة نعمة أحمد رسام؛ تقديرًا لجهودها ونجاح إدارتها للمدرسة التي أصبحت منارًا للعلم وإحدى أبرز المدارس في المدينة

ربع قرن من العطاءوفي تأبينها، أصدر مجموعة من زملائها التربويين كتابًا عنها، دبّج افتتاحيته الدكتور الشعيبي، إلى جانب محافظ تعز حينها أحمد عبدالله الحجري

الكتاب الذي جاء تحت عنوان ربع قرن من العطاء

نعمة أحمد رسام من المهد إلى اللحد، أعدته لجنة من أحد عشر معلمًا ومعلمة، ترأستها شقيقتها فاطمة رسام التي خلفتها في إدارة المدرسة حتى العام 2012، قبل رحيلها بعامين، يونيو/حزيران 2014

 وحمل الكتاب عديد المقالات والكتابات والتعازٍ وقصائد الرثاء، وضمنه كتب مدير المعهد السويدي رويني إدبرج مشيدًا بـ نعمة رسام التي كانت خدومة وحريصة جدًّا على المنفعة العامة والخاصة لمدرستها ومدرسيها وطلابها

إدبرج الذي حظي بـالتعامل المباشر معها، وقام بعديد زيارات للمدرسة آنذاك، امتدح ما أسماه المستوى الرائع والأسلوب الذي يدل على إدارة جيدة بالفعل

وفي معرض حديثه عن بعض الملاحظات بشأن طرق التدريس في اللغة الإنجليزية والرعاية الصحية بالتنسيق معها، كرر إشادته لقد أخذت ملاحظاتنا بعين الاعتبار ورأينا مدى اهتمامها بالمستوى التعليمي ككل

تبعات الحرببعد رحيل نعمة رسام، 1999، تولت شقيقتها فاطمة إدارة المدرسة حتى العام 2012، قبل أن تتعاقبها عديد نساء على امتداد العقد الماضي

مع الاحتجاجات التي شهدتها اليمن، 2011، إبان الثورة الشبابية التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، تصاعدت آراء معارضة لبقاء فاطمة رسام في منصبها، ليجري تغييرها بـ عبيدة حسين شومان كـ قائمة بأعمال الإدارة حتى اندلعت الحرب عام 2015

وخلال السنوات 2015 – 2017، اتخذ فصيل من المقاومة الشعبية بـ تعز مدرسة نعمة رسام مقرًا له، ومركزًا لتدريب الأفراد، فيما التحقت طالبات المدرسة بحلقات مساجد ومدارس أخرى

إزاء طمس الهوية الوطنيةعام 2017، أعيد افتتاحها أمام الطالبات، وعُيّنت شفاء الشيباني مديرة لها حتى وفاتها عام 2020، لتعقبها رجاء الدبعي، المديرة التي تقودها لأكثر من عامين حتى الآن، وهي التي أعطتها مؤخرًا كل هذا الزخم اللافت تزامنًا واحتفالات اليمنيين بأعياد الثورة اليمنية، سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر

وفيما جرّف الحوثيون الهوية المرتبطة بهذه المناسبات الوطنية، حد تغيير المناهج، تولت هذه المديرة مهام إشعال روح الحماسة في الذات اليمنية لدى النشء واليافعين

المديرة الخمسينية الجديدةرجاء الدبعي من مواليد تعز 26 نوفمبر/تشرين الثاني 1972، متخصصة بـ علم الفيزياء وتحمل شهادة البكالوريوس

عملت بالتدريس في مجالها العلمي على مدى 22 عامًا، تدرجت خلالها بعديد مهام كأمينة معمل الفيزياء، ومدربة للطاقة والتمديدات الكهربائية ثم وكيلة للمدرسة ذاتها

ووفقًا لـ الدبعي، استقبلت المدرسة قبل الحرب، 2015، ما يقارب 7 آلاف طالبة في العام لفترتين صباحًا ومساء، غير أنها شهدت نقصًا في العدد مع إعادة افتتاحها عام 2017، جراء نزوح معظم كادر المدرسة، لتقتصر فقط على الفترة الصباحية، عند مستوى 3 آلاف ومائتي طالبة