من يعرقل صناعة التمور المحلية؟

منذ 3 أشهر

صنعاء – فاطمة العنسييعد شهر رمضان موسما كبيرا للإقبال على شراء التمور في اليمن

تمتلئ معارض ومحلات التمور في مختلف المحافظات بشتى أنواع التمور المستورد ويغيب التمر المحلي

مستثمرون رووا للمشاهد تجارب مشاريعهم في صناعة التمور، بعضها نجحت وأخرى فشلت

وهو ما يوحي أن قطاع التمور في اليمن يواجه تحديات زراعية وتسويقية

إلا أن ثمة تجارب ناجحة تغلبت على تلك التحديات

حيث نجح المزارع زايد بن ثيبه الدهمي، من مديرية الشعف، بمحافظة الجوف، شمال البلاد، في زراعة 20 ألف نخلة

وتمكن الدهمي من تغليف 50 كرتونًا من التمور بجودة عالية تم تسويقها محليًا بنجاح هذا الموسم

وساعده أن مديرية الشعف تشتهر باحتوائها على نصف مليون نخلة

يقول الدهمي لـ«المشاهد»: “لدينا مصانع متخصصة بتغليف التمور بجودة عالية

وبدأنا باستخدام هذه التقنيات لضمان حفظ التمور وحمايتها من التلف

كما أن وجود معامل التبريد يساعد على تخزين المحصول لفترات أطول دون تعرضه للتسوس أو التلف

”زايد الدهمي، مزارع في الجوف: لدينا مصانع متخصصة بتغليف التمور بجودة عالية

وبدأنا باستخدام هذه التقنيات لضمان حفظ التمور وحمايتها من التلف

كما أن وجود معامل التبريد يساعد على تخزين المحصول لفترات أطول دون تعرضه للتسوس أو التلف

”ويستعرض الدهمي أصناف التمور المزروعة في اليمن، ومنها الصقعي، نبوت سيف، الخضري، السكري، والسري

مشيرًا إلى أن صنفي السلج والعجوة سيتم إدخالهما ضمن الأصناف المزروعة خلال السنوات القادمة، مع توقعات بتحقيق جودة تنافسية عالميًا

ويشكل قطاع التمور في اليمن جزءًا أساسيًا من الأمن الغذائي والتنمية الزراعية بالبلاد

وفي شهر رمضان، تمثل التمور الطبق الرئيسي على المائدة الرمضانية اليمنية

ورغم توفر مساحات شاسعة لزراعة النخيل وتعدد أصنافه، إلا أن تحديات عديدة تواجه عمليات إنتاج وتغليف التمور

وتؤثر تلك التحديات على فرص ازدهار قطاع التمور في الأسواق المحلية والدولية

يشير مسؤول الإعلام الزراعي بوزارة الزراعة بحكومة صنعاء، فهد الجنيد، إلى وجود سياسة وطنية لتعزيز إنتاج التمور، تُنفَّذ على مرحلتين

تشمل المرحلة الأولى تطوير وتعزيز الإنتاج، وإعادة تأهيل مزارع النخيل وزراعة فسائل جديدة في الحقول المتضررة بسبب القصف

ويضيف الجنيد لـ«المشاهد» أن المرحلة الثانية تشمل تحسين جودة الإنتاج عبر الإرشادات الفنية للمزارعين في مراحل الزراعة والحصاد والتسويق

موضحًا أن الجهود المبذولة أسهمت بإنشاء وتفعيل جمعيات زراعية تعاونية تتولى مهام تسويق التمور وفق السياسات المتبعة بالوزارة

مشيرًا إلى أن القطاع قطع شوطًا كبيرًا في التوسع الزراعي وإنشاء مشاتل لإكثار الفسائل ذات الجودة العالية

خصوصًا في السهل الساحلي الغربي (سهل تهامة) والهضبة الشرقية بمحافظة الجوف

لافتًا إلى أن الأسواق اليمنية تشهد توفرًا جيدًا للتمور المحلية بمختلف أصنافها، بعد فرض إجراءات وشروط على استيراد التمور الخارجية

ما أتاح للمنتج المحلي فرصة للظهور، والوصول مستقبلًا إلى مرحلة التصدير، بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي محليًا

وفيما يخص الدعم الحكومي، أوضح الجنيد أن المزارعين يحظون بدعمٍ يتمثل في توفير الفسائل، وتشجيع إنشاء المشاتل

وتقديم الإرشادات الزراعية من خلال كوادر متخصصة في جميع مناطق زراعة النخيل

بالإضافة إلى الاستفادة من وسائل الاتصال الجماهيري لنشر التوعية الزراعية

“كما تحصل مصانع التعبئة والتغليف على تسهيلات تتيح لها الحصول على مواد التغليف

وتقليص الاستيراد الخارجي بما يتناسب مع الكميات المحلية المتوفرة

مما عزز من قدرات هذه المصانع وساهم بتحسين عمليات التسويق”

يقول الجنيد

مبينًا أن إنتاج التمور المحلية لا يزال في مرحلة تغطية الاحتياج المحلي

وفي حال توجه التجار نحو التصدير، فهناك إجراءات تنظيمية متبعة لضبط عمليات الاستيراد والتصدير

كاشفًا أن مشاريع الإنتاج المحلي، الزراعية وغير الزراعية، معفاة من الضرائب والرسوم؛ ما يمثل حافزًا كبيرًا للاستثمار في قطاع التمور

يملك المستثمر اليمني، تركي حدران، مصنعًا للتمور في منطقة قاع المنقب في همدان بصنعاء

بالإضافة إلى مصنعين آخرين، مصنع عجينة تمر (عجوة)، وآخر للفلين

لكن جميعها متوقفة عن العمل، لأسباب تتعلق بالحكومة وكيفية تعاملها مع المستثمرين اليمينيين، كما يفيد

ويقول حدران لـ«المشاهد»: تم إبلاغنا من وزارة الصناعة والتجارة بقرار منع استيراد التمور الخارجية، والاكتفاء بالمحلي

عندها أردت الاستثمار في إنتاج التمور، وقمنا بالتصنيع والتغليف على أعلى جودة، وبمستوى أفضل من المنتجات الخارجية

”وبحسب حدران فإن خبرته في مجال التمور تقارب 30 عامًا، وهو على دراية كاملة بالطرق السليمة للتجفيف

فعمد إلى إنشاء أربع مخازن تبريد مزودة بأحدث المواصفات تصل قدرتها الاستيعابية إلى أكثر من 8 آلاف طن

لكنها لم تجد البيئة الحاضنة، بل على العكس وجدت بيئة منعتها عن العمل

تركي بن حدران، مستمثر محلي: تم إبلاغنا من وزارة الصناعة والتجارة بقرار منع استيراد التمور الخارجية، والاكتفاء بالمحلي

عندها أردت الاستثمار في إنتاج التمور

لكن وعودهم لم تنفذ، وتم السماح باستيراد التمور الخارجية، وتكدست (منتجاتنا)

نجحت في أكثر من 27 دولة وفشلت في بلادي

”ويستطرد: أخبرونا بمنع الاستيراد الخارجي حتى ينتهي المحصول المحلي في الأسواق

وتوجهنا لإنتاج وتغليف أطنان من التمور بجودة عالية؛ كون المصنع مزود بأحدث الآلات والمخازن

مستدركًا: لكن وعودهم لم تنفذ، وتم السماح باستيراد التمور الخارجية، وتكدست (منتجاتنا) في المحلات التجارية والمراكز

وعندما أردنا توزيع التمور المحلية المعبأة والمغلفة، لم نستطع

”تسبب الأمر بكساد وتم إيقاف العمل في المصنع

واعتبر حدران أن هناك تواطؤ كبير من بعض موظفي الدولة في الوزارات نتيجة علاقات تجمعهم مع مهربي المنتجات الخارجية

وهو ما شكّل حجر عثرة حالت دون تشغيل المصنع وإيقاف نشاطه، بحسب حدران

ويضيف بحزن: نجحت في أكثر من 27 دولة وفشلت في بلادي

فشل لا يستثني الدولة من المسئولية، فهي التي عملت على إفشال مشاريعنا

معتقدًا أن هذا المشروع الاستثماري لتغليف التمور وتوزيعها كان سيدعم الاقتصاد المحلي والعملة الوطنية

”وزاد: مصنع عجينة التمر، كان يفترض أن يغطي الجمهورية اليمنية، لكن السلطات نفسها شريكة في تهريب التمور وتذهب للشراء من المهربين

ولو كانت جادة فيما تقول لنفذت حملات شاملة لمنع التمور المستوردة وتعزيز الإنتاج المحلي كما تدّعي

”وتابع: عندما تكون أمامنا -كمستثمرين- مطبات وعراقيل، نتوقف عن تنفيذ مزيد من الاستثمارات

معتبرًا أن المشكلة تكمن في عدم تنفيذ القرارات الصادرة، كقرار منع الاستيراد الذي بنيت عليه مشروعي

”مختتمًا: لكننا تفاجأنا بالمنتج المستورد معبأ في المحلات التجارية ولا مكان للتمور المحلية

منوهًا أنه لو أقام مشروعه بالسعودية لتعدى ربحه خمسة ملايين ريال سعودي سنويًا

لكنه فضّل موطنه الذي أوقف المشروع ولم يحصل على أي عائد منه

”يشير مسؤول مجموعة الأمن الغذائي والزراعة بمؤسسة الصدارة للتنمية والتمكين، عبد الله سالم، إلى ضعف سيطرة الدولة على الأسواق المحلية، وقلة الاهتمام الحكومي بالمحاصيل المحلية؛ وهذا ساهم في ضعف الدعم المقدم للمزارعين

كما تفتقر عمليات الإنتاج إلى الإمكانيات اللازمة لتطوير المنتج وتعبئته وفق المعايير الحديثة

مما يحد من قدرته على المنافسة في الأسواق المحلية والدولية

واستغرب سالم، متخصص في علوم وتكنولوجيا الأغذية- من أن محصول النخيل في حضرموت -باعتبارها أكبر المحافظات إنتاجًا للتمورـ لا يوزع خارج المحافظة نهائيًا

وهذا يثبت غياب الاهتمام الحكومي، حد قوله

بلغت المساحة الإجمالية للنخيل في اليمن في 2022، قرابة 15 ألف هكتار بإنتاج 64 ألف ونصف طن، حسب كتاب الإحصاء الزراعة الصادر عن وزارة الزراعة في عدن

تستحوذ محافظة حضرموت على نحو النصف من مساحة النخيل والإنتاج، حس المصدر نفسه

وحسب وزارة الزراعة في حكومة صنعاء، فإن اليمن يستورد من التمور سنويا نحو 47 ألف طنا

ورغم التحديات التي تواجه قطاع التمور باليمن، لا يزال هناك مجال لتطوير هذه الصناعة، من خلال   تطبيق سياسات حكومية داعمة، وتشجيع الاستثمارات

كما أن تطبيق معايير التعبئة والتغليف عاملا مهما لتطوير هذه الصناعة

 ومعالجة المشكلة بهذه الشمولية يفتح أفاقا جديدة لصناعة التمور المحلية

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير