من ينصف صيادي «شحير» في حضرموت؟

منذ 9 ساعات

حضرموت – عبد الله باجابر المهنة الوحيدة التي يعتمد عليها محمد بارخمه (40 عامًا)، كمصدر رزق في منطقة شحير، شرق مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، هي مهنة الصيد؛ فهو يعمل في اصطياد الأسماك كمهنة توارثها عن أجداده منذ أكثر من عقدين من الزمان

محمد بارخمة فقدَ مصدر رزقه الوحيد منذ أكثر من ثماني سنوات، كما يقول، وتغيرت أوضاعه المعيشية إلى الأسوأ هو والعشرات من الصيادين في منطقة شحير

 ففي أبريل عام 2016، منعت القوات السعودية والإماراتية الاصطياد في منطقة شحير القريبة من مطار الريان، الذي تحوّل إلى موقع عسكري لقوات التحالف في حضرموت

وتحوّلت حياة عشرات الأسر من الصيادين إلى معاناة نتيجة صعوبة الحصول على مصدر رزق، بعد منعهم من الاصطياد باعتبار سواحل منطقة شحير القريبة من تواجد قوات التحالف “منطقةً عسكرية”

وخلال السنوات الماضية وحتى العام الجاري 2025، عمل الصيادون في منطقة شحير على الاحتجاج والتظاهر وإبراز معاناتهم لوسائل الإعلام والجهات المختصة بشكل مستمر

لكن لم تجد الاحتجاجات والمطالبات الحقوقية للصيادين أي تجاوب من قبل قوات التحالف العربي المتواجدة في مطار الريان، وفقًا لمحمد

وأوضح عدد من الصيادين ممن التقاهم مراسل “المشاهد” أن قوات التحالف عملت على اعتقال عدد منهم؛ بسبب احتجاجاتهم للمطالبة بالسماح لهم بالاصطياد كما كانوا من قبل في سواحل منطقة شحير

الضغوط الشعبية والاحتجاجات وكذلك تدخلات شخصيات قبلية ومجتمعية في حضرموت لحل هذه المشكلة مع قيادة قوات التحالف؛ أدت إلى صرف تعويض مالي للصيادين في 2017، بحسب محمد

لكن هذه التعويضات المالية لم تشمل كل الصيادين المتضررين من منع الاصطياد في منطقة شحير، وعادت الاحتجاجات وتظاهرات الصيادين في منطقة شحير مجددًا

 وفي ذات السياق، قال عمر باحماد، وهو من الصيادين في منطقة شحير بحضرموت، إن قوات التحالف في بداية قرار منع الاصطياد أكدت أن منع الصيادين سيكون لمدة شهرين فقط، وسيتم تعويضهم بمبالغ مالية، لكن قرار المنع استمر تسع سنوات

عمر باحماد، صياد في منطقة شحير: قوات التحالف في بداية قرار منع الاصطياد أكدت أن منع الصيادين سيكون لمدة شهرين فقط، وسيتم تعويضهم بمبالغ مالية، لكن قرار المنع استمر تسع سنوات

”وحتى التعويض المالي، الذي قدمه التحالف في البداية، بحسب كثير من الصيادين، كان مبلغًا زهيدًا لا يتجاوز 800 ريال سعودي لكل صياد عن شهر واحد، على أن يستمر بشكل متواصل ويشمل جميع الصيادين، وهو ما لم تفِ به قيادة التحالف، وفقًا لصيادي شحير بحضرموت، وكان التعويض لمرة واحدة فقط

في سبتمبر من العام الفائت 2024، نظّم الصيادون في منطقة شحير اعتصامًا مفتوحًا بالقرب من سواحل منطقة شحير، انتهى هذا الاعتصام بإصابة ستة من الصيادين بقنبلة يدوية ألقاها مجهول على المعتصمين، والمصابون: هم: جمال كرامة باخميس، سالم محمد الشعملي، عبدالله سالمين بازار، عمر عوض بن شابظ، هاني محفوظ مرعي، وبشار مبارك العوبثاني

لم تتوقف محاولات الصيادين في منطقة شحير في الحصول على حقوقهم والمطالبة بالسماح لهم بالاصطياد كما كانوا من قبل

حيث قامت مجموعة من الصيادين في نوفمبر عام 2024 بمحاولة كسر القرار العسكري لقيادة قوات التحالف في حضرموت بمنعهم من الاصطياد، وتعرضوا لتدخلات عسكرية من قبل قوات أمنية انتهت بمنعهم من الاصطياد

هذه المحاولة في كسر قرار منع الاصطياد، تكررت في 21 ديسمبر من ذات العام، وتم إطلاق الرصاص عليهم من قبل قوات أمنية وأدت إلى إصابة بعض من الصيادين، بحسب الصيادون الذين التقاهم مراسل لـ”المشاهد”،تحوّلت قضية منع الصيادين في منطقة شحير من الاصطياد من قبل قيادة التحالف إلى قضية حقوقية مجتمعية تفاعل معها الكثير من سكان المنطقة، والذين آزروهم في كافة احتجاجاتهم

 قوبلت هذه الاحتجاجات بطلب قيادة قوات التحالف بحضرموت كشوفات من اللجنة الخاصة بمتابعة قضية صيادي شحير، تتضمن أسماء ما تبقى من الصيادين المتضررين، وتم صرف 600 ريال سعودي لكل صياد كجزء من التعويضات

 وفي هذا السياق، اتهم عمر باحماد أحد صيادي شحير، اللجنة الخاصة بمتابعة قضية صيادي شحير بالتلاعب بكشوفات المتضررين

وقال باحماد إن اللجنة عملت على استبعاد عدد من الصيادين الفاعلين الذين ما زالوا يمارسون مهنة الاصطياد، وتم استبعادهم من الكشوفات وأُدخل بدلًا من الأسماء المستبعدة أسماء أولاد وأقارب أعضاء اللجنة، وفقًا باحماد

ويضيف باحماد أن هناك 35 صيادًا متضررًا من قرار منع الاصطياد، لم يحصلوا على أي تعويضات مالية

في السابع من ينايرالماضي، اعتقلت قوات أمنية مجموعةً من الصيادين بعد محاولتهم الصيد في سواحل شحير، وكان رد فعل ما تبقى من الصيادين المتضررين أن قاموا بقطع الخط الدولي الرابط بين حضرموت والمهرة احتجاجًا على الاعتقالات

تم إطلاق سراح عدد من المعتقلين، وتم تشكيل لجانٍ ضمت: مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بالمكلا، مكتب هيئة المصايد، مكتب وزير الثروة السمكية، خفر السواحل، جمعية الصيادين في حضرموت، المجلس المحلي، وعقال منطقة شحير، على أن تتم متابعة هذه اللجنة للخروج بحلول وسطية ترضي الصيادين والتحالف في نفس الوقت

قامت قيادة التحالف قبل عدة أشهر بصرف تعويض للصيادين عن ثلاثة أشهر، على أن تواصل تقديم التعويضات عن بقية السنوات التي مُنع فيها الصيادون من الاصطياد

لكن حتى هذه اللحظة لا يزال حظر الصيد ساريًا

رئيس اللجنة الميدانية لصيادي شحير، علي بن شحنة، يقول إن مبالغ التعويض المالي للصيادين التي صُرفت ليست تعويضًا منصفًا وعادلًا عما فقده العشرات من الصيادين من مصادر دخل يومية كانوا يحصلون عليها من صيد الأسماك في منطقة شحير

رئيس اللجنة الميدانية لصيادي شحير، علي بن شحنة: مبالغ التعويض المالي للصيادين التي صُرفت ليست تعويضًا منصفًا وعادلًا عما فقده العشرات من الصيادين من مصادر دخل يومية كانوا يحصلون عليها من صيد الأسماك في منطقة شحير

”منظمة صحفيات بلا قيود، من المنظمات  التي تابعت قضية صيادي شحير، إذ طالبت المنظمة في يناير الماضي، في بيان لها، المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية والسلطة المحلية في حضرموت: فتح تحقيق مستقل وشفاف في انتهاكات حقوق الصيادين ومحاسبة المسؤولين، ورفع الحظر التعسفي عن الصيد وتمكين الصيادين من ممارسة مهنتهم بحرية وأمان

 كما طالبت المنظمة توفير تعويضات عادلة وشاملة للمتضررين واستعادة سبل عيشهم، مع ضمان حماية الصيادين وسلامتهم الجسدية والنفسية

وطالبت صحفيات بلا قيود المنظمات الحقوقية والإنسانية إلى فتح تحقيق عاجل في جميع الانتهاكات التي تعرض لها صيادو شحير، ومحاسبة المسؤولين عنها وفقًا للقوانين الدولية، والضغط على القوات الإماراتية لإنهاء تدخلها التعسفي في المنطقة ورفع الحظر عن الصيد

ويبقى الأمل في استجابة المعنيين لمطالب الصيادين الذين أرهقتهم الظروف الاقتصادية السيئة التي تعاني منها حضرموت ومختلف المناطق اليمنية

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير