مهددات متصاعدة لسمك التونة في اليمن
منذ سنة
اعتاد الأربعيني خلدون الحربي، من مدينة عدن، على شراء سمك التونة مرتين في الأسبوع على الأقل، وكانت عائلته تحرص على تواجد هذا النوع من السمك في المائدة مرتين أسبوعيا على الأقل
هذه ليست العائلة الوحيدة التي تحب التونة، إذ يعد هذا النوع من السمك من الوجبات المفضلة في العديد من المناطق الساحلية اليمنية
في الوقت الراهن، لا يستطيع خلدون شراء وجبته المفضلة، التونة، كل يوم أو حتى ثلاث مرات في الأسبوع، بسبب ارتفاع السعر، حيث يباع الكيلو الواحد من سمك التونة في مدينة عدن بتسعة آلاف ريال، بينما كان سعره سابقا ما يقارب الألفين ريالا
لحوم أسماك التونة غنية بالأوميغا – 3، وتحتوي على المعادن والبروتينات وفيتامين ب12 ما جعل هذا النوع الأسماك في خطر بسبب الطلب الهائل عليها، حسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)
وتقول المنظمة أن 33
3 % من المخزونات يتم صيدها من أنواع التونة السبعة الرئيسية هي عند مستويات غير مستدامة بيولوجيًا
في اليمن، منح البنك الدولي في منتصف 2022، 45 مليون دولار لمساندة الإدارة المستدامة للمصائد السمكية في البحر الأحمر وخليج عدن
يقول خلدون لـ “المشاهد”: “الكثير من العائلات تعتبر ارتفاع سعر سمك التونة مشكلة، ما دفع البعض إلى شراء التونة المعلبة من محال بيع المواد الغذائية”
يتم اصطياد سمك التونة طيلة أيام السنة، لكن العديد من العوامل المناخية وغيرها من العوامل مثل الاصطياد التجاري المكثف تسببت بانخفاض كبير لهذا النوع من الأسماك
في عام 2016، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 20 مايو من كل سنة، يومًا عالميًا لسمك التونة، بهدف زيادة الوعي العام بقيمة هذا النوع من الأسماك، والحاجة إلى ضمان الحفاظ عليها على المدى الطويل
تقول الأمم المتحدة أن تخصيص مناسبة دولية للاحتفال بقضية ما، يعد فرصة لتثقيف الجمهور العام بشأن القضايا ذات الاهتمام، ولحشد الإرادة السياسية والموارد اللازمة لمعالجة المشكلات العالمية
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، تلعب أسماك التونة المهاجرة والأنواع ذات الصلة دورا مهما في التنمية المستدامة، والأمن الغذائي، وخلق فرص اقتصادية، وسبل العيش للناس في جميع أنحاء العالم
على مستوى العالم، يُصاد سنويا ما يزيد عن 7 مليون طن من أسماك التونة والأسماك المشابهة لها
تصل نسبة المُصاد من أنواع التونة المهاجرة إلى 20% من قيمة ما تخرجه مصائد الأسماك، و 8% من قيمة تجارة الغذاء البحري في العالم، حسب الفاو
تتعدد أسباب ارتفاع سعر سمك التونة في اليمن، ومن تلك الأسباب تهريب كميات كبيرة منه إلى السعودية وعُمان
في فبراير من العام الماضي، أصدر وزير الزراعة والري والثروة السمكية سالم السقطري قرارا يقضي بحظر تصدير الأسماك الطازجة من جميع الأصناف إلى الخارج، من أجل تخفيف من الأعباء على المواطنين، لكن صيادين يؤكدون أن التهريب لا زال مستمرا
السبب الآخر لارتفاع سعر سمك التونة هو صعوبة اصطياده
أدهم جواد الأمين العام للاتحاد التعاوني السمكي في عدن، يقول لـ”المشاهد” إن الصيادين في عدن، والعديد من المناطق الساحلية، يواجهون صعوبات كثيرة خلال رحلات صيد الأسماك بشكل عام وأسماك التونة، لأنهم يفتقرون للإمكانات التقنية تسهل عملهم أثناء الاصطياد في ساعات متأخرة من الليل، وهو الوقت الذي يتواجد فيه سمك التونة بكثرة
وصل إنتاج اليمن من الأسماك والأحياء البحرية إلى حوالي 200 ألف طن سنويا قبل نشوب الحرب الأهلية عام 2015 الصراع، وتراجع مستوى الإنتاج إلى النصف بسبب الحرب التي لم تتوقف بعد، حسب ورقة بحثية لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية
في حديثه لـ”المشاهد”، يرى الباحث المتخصص في علوم الأحياء البحرية رشيدي محمود أن ثمة عوامل قد تسهم في تراجع أو اختفاء أسماك التونة في اليمن، ومنها الاصطياد غير المقنن، حيث يتم اصطياد الأسماك الصغيرة، ولا يتم تركها تكبر حتى تستمر في عملية التكاثر
ومن العوامل التي تؤثر سلباً على تواجد أسماك التونة في اليمن عدم تواجد الطُعم المخصص لسمك التونة بكميات كبيرة في السواحل اليمنية، وهذا يدفعها إلى السير دون توقف بحثا عن الطُعم
يضيف رشيدي: “كما هو معروف بأن أسماك التونة أسماك مهاجرة، ولا تستقر في منطقة بحرية إلا في حال توفر فيها الطعم، بخاصة أسماك السردين التي تعتبر أفضل طعم لأسماك التونة، وتتواجد أسماك السردين بأسراب وكميات كبيرة، وهو الأمر الذي تفضله أسماك التونة”
ولا يستبعد رشيدي تأثير العوامل المناخية على تواجد أسماك التونة في السواحل اليمنية، إذ يلفت إلى دور الرياح الموسمية، حيث إن كل ما هبت الرياح دون توقف، كل ما عملت على ابتعاد أسماك التونة عن منطقة خليج عدن
يتابع رشدي: “الرياح عادة ما تكون عائقًا أمام الصيادين، لأنهم لا يستطيعون الدخول إلى مسافات بعيدة في البحر لاصطياد أسماك التونة خوفا من تعرض قواربهم للغرق، نتيجة هبوب الرياح وارتفاع الأمواج، وهذا يفسر أيضا سبب شح الكمية التي يتم اصطيادها في الوقت الراهن في مياه خليج عدن”
يوضح رشدي أن هناك عشرة أنواع لسمك التونة في اليمن وتختلف باختلاف صفتها الجسمانية، ومن أنواع سمك التونة الموجودة في السواحل اليمنية السمكة النادرة ذات الزعانف الزرقاء، وتتواجد في المكلا، لكنها مهددة بالانقراض، والسمكة ذات الزعانف الصفراء المتواجدة في خليج عدن، إضافة إلى السمكة الجاحظ، والباكور
يدرك المواطن العدني خلدون الفوائد الصحية لسمك التونة، ولهذا السبب يحرص قدر الإمكان على شرائه عندما تسمح ظروفه المادية
يختم خلدون حديثه، ويقول: “احرمتنا الحرب الكثير من الخدمات طوال السنوات الماضية، وحتى الوجبات المفضلة، مثل سمك التونة، لم يعد من اليسير الحصول عليها في ظل استمرار ارتفاع أسعارها”
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير