موسى المقطري : سبتمبر الضوء يمحي ظلمة الغسقِ
منذ ساعة
موسى المقطري وجاء عيد 26سبتمبر شامخاً كعادته يجرف في طريقة كل عتمة طمحت الإمامة القديمة والحديثة إلى إدامتها في حياة اليمنيين، فكان الصباح السبتمبري أقوى من عتمتهم، وأقدر على ازاحتها من طريق الحالمين بغدٍ أجمل، ولأن عتمة الإمامة ودولتها كانت شراً محضاً فقد فرِح اليمنيون حين أشرقت شمس ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المباركة، ولازال الفرح سارياً والبهجة حاضرة كلما عادت هذه الذكرى التي كانت تحوّلاً شاملاً وكاملاً أيقض أمة كانت مدفونة في هوة سحيقة، لا ترى ضوء ولا تسمع صوتاً
حل صباح 26سبتمبر ليشكل مطلعاً للنور، وعاصفة ثورية تبدد خيوط ظلام الإمامة التي كانت ترى البلاد ملكاً خالصاً لها، والشعب عبيداً يعملون تحت سلطتها وأمرها، فاهتزّت جبال وسهول اليمن فرحاً بالثورة، ولازالت تعيش ذلك الشعور حتى اليوم، وأضحت الثورة قدراً محتوماً رسمته دماء الأبطال الذين اختاروا طريق الحرية بما فيه من تضحيات، فسطروا الدرس الأهم، وهو أن الحرية لا تُمنح لمن يرضى بالدنية، والكرامة لا تُصان إلا بدماء الأحرار، وحين يثور اليمني فإنما يثور بثقل التاريخ ووهج الحضارة، فلا يقف أمامه طاغٍ ولا يردّه متجبر
لقد كانت الإمامة لعنةً سوداء أرادت أن يظل اليمني قاعداً على ركبتيه، وأن تُطفئ في قلبه شعلة الحضارة التي أضاءت الدنيا يوماً بملوك سبأ وحضارة حمير، فجاءت ثورة 26سبتمبر لتجتث تلك اللعنة من جذورها، وتعيد لليمن هويته المضيئة، ولتقول بصوت جهوري أن اليمنيين لا يقبلون الضيم، ولا يساومون على الحرية، ولازال هذا ديدنهم كلما حاولت الإمامة أن تطل برأسها من جديد
حين أشرق نور 26سبتمبر تبددت الإمامة، لكنها بقت متربصة بالجمهورية واختفت في بعض تفاصيلها، واليوم تحاول العودة من جديد، لكن أحفاد الثوار تلقفوا الراية ولم يفرطوا بها، وأكدوا للإمامة الجديدة أن الثورة ليست حدثاً عابراً أو تاريخاً يُطوى مع صحائف الأعوام، بل هو روحٌ تسري في الشرايين، والفجر الذي تلاشت بطلته ليل الإمامة البغيض لايمكن عكسه أو التخلي عنه، ونوره لايزال ساطعاً تحمله همم الرجال الذين ظلوا يهتفون للحرية، ويحافظون على انجازات 26سبتمبر والتي كانت إعلاناً بأن هذه الأرض التي يحاول الإماميون اليوم كسر شوكتها قد أقسمت ألا تركع إلا لله
بهىُّ فجرك يا 26سبتمبر حين يعود كل عام، فيتجدد في أرواحنا الثائرة حنين الأجداد، وتشتعل في نفوسنا جذوة الوفاء لدماء الشهداء، ولا نحتفى به يوماً واحداً، بل كلما هبّت نسائم الحرية، وكلما استذكرنا الدرس الأهم الذي تعلمناه من صباحك السبتمبري، وهو أن الكرامة لا تُستعطى، والسيادة لا تُهدى، ومن ذاق طعم الحرية لا يقبل العبودية أبداً، وهذا عهد متجدد وميثاق لا يسقط بالتقادم، لأنه خُطّ بمداد التضحية ورسمت ملامحه دماء الشهداء، ورُفع على سارية المجد ليبقى خفاقاً ما بقيت السماء
كل 26سبتمبر وانتم بألف خير