موسى المقطري : عن ثلاثية سبتمبر والجمهورية والإصلاح

منذ 21 ساعات

موسى المقطري كلما أطل سبتمبر المجيد عادت إلى الذاكرة الجمعية لليمنيين محطات اتسمت بأنها مفصلية لا يمكن تجاوزها أو نسيانها، ففي السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962 أشرقت شمس الجمهورية لتطرد ليل الإمامة الكئيب، وتعلن ميلاد مرحلة جديدة مثلت فيها الجمهورية حبل نجاة من الاستعباد وبداية عهد المساواة والحرية والكرامة، وفي الثالث عشر من سبتمبر عام 1990 وُلد التجمع اليمني للإصلاح كياناً سياسياً جمهورياً خالصاً جعل أولوياته كلها تصبّ في بناء الوطن والحفاظ عليه وتنميته، وبين هذين التاريخين علاقة عميقة، أشبه ما تكون بقصة عشقٍ ومسيرة حبٍّ متجذرة في الأرض والذاكرة، جمعت بين سبتمبر والجمهورية والإصلاح

 لقد كان السادس والعشرون من سبتمبر نقطة تحولٍ كبرى في تاريخ اليمن الحديث، فيها انتقلت البلاد من حكم الفرد المستبد، إلى رحاب الحرية وإرادة الجماهير، وجاء الثالث عشر من سبتمبر ليمنح الثورة والجمهورية صوتاً سياسياً حديثاً يناضل في الميادين ويصون المكتسبات ويُعلي من شأن الوطن، ويسعى لأمنه واستقراره، وتشكلت بين الإصلاح والجمهورية وسبتمبر علاقة تمتد إلى الاعماق، فيها يمثل هذا الحزب السبتمبري إبناً وفياً لتلكم الثورة المجيدة، خرج من رحمها وتشكل وعيه في ظلها، وتربى وربى أعضائه ومحبيه ومناصريه على مبادئها، ولم تكن العلاقة بين هذين الرائدين تقاطع مصالحٍ أو التقاءٍ عابر، بل هي أشبه برباط روحي يزداد متانة مع تقدم السنين وتشابك الأحداث

 لم يتعامل الإصلاح منذ تأسيسه مع الجمهورية كخيار سياسي بين بدائلْ، بل كقدرٍ مقدس وعهد لا يجوز التفريط فيه ولا المساومة عليه، ومن أول يوم آمن الإصلاحيون أن الجمهورية ليست مجرد نظام حكم، وإنما هوية وطن ومنجز تاريخي خلده الثوار بدمائهم الزكية، وهذه الجمهورية هي من منحت الإصلاح واليمنيين عامة فضاءً للحرية السياسية، وميداناً للتنافس الشريف، ومجالاً ليشاركوا في صناعة حاضر البلاد ومستقبلها

 إن سبتمبر الإصلاح هو وعدٌ متجدد بحراسة سبتمبر الثورة، وبين التاريخين تبقى قصة عشقٍ أبدية بين الحرية وأبنائها، وبين الجمهورية ومن يحمون منجزاتها، والوطن ومن نذروا أعمارهم من أجله، وعاشوا وماتوا وهم يحملون رأيته سواءً حين أشرقت ثورة سبتمبر المجيدة أو حين حاول الإماميون الجدد أن يعيدوا مجد أجدادهم المندثر ناسين أو متناسين أن الجمهورية السبتمبرية لم تمت، وإن أصابها بعض وهن

 كل عامٍ لا يحضر سبتمبر المجيد وحده، بل تهل  هذه الثلاثية العجيبة، فتستحضر الجمهورية والإصلاح معاً سرّ ذلك الحب الخالد القائم على الإيمان بالإنسان، وحقه في الحياة الكريمة، والتمسك بالعدل والحرية، ورفض الاستبداد الكهنوتي، وإن تبدلت الوجوه أو تغيرت الأسماء

 دمتم سالمين