موسى المقطري : في ذكرى 14اكتوبر .. هل ينجح الاستعماريون الجدد فيما فشلت به بريطانيا؟
منذ 2 سنوات
تعود ذكرى انطلاق ثورة 14اكتوبر 1963م المباركة والتي كانت نتيجتها النهائية رحيل المستعمر البريطاني بعد اربع سنوات من النضال اليمني المشترك العابر للحدود غير المعترف ببوصلة الاتجاهات ولابحدود الجغرافيا ، والمستلهم قناعاته من تاريخ ممتد من التضحيات كان فيه كل من يعيش ويعتاش في هذه الارض المباركة مسؤلاً عن الدفاع عنها ، بعيداً عن اسمه او قبيلته او أي من المحددات الاخرى
وللانصاف وحين الحديث عن ثورة 14اكتوبر لا ينبغي القول ان النضال ضد الاستعمار البريطاني كان وليد هذا التاريخ ، إذ سبق ذلك انتفاضات شعبية في أماكن وأزمنة مختلفة ، لكنها لم تأخذ بُعد الكفاح المنظم إلا بعد مؤتمر دار السعادة الذي عُقد في صنعاء ، وكانت نتيجته توحيد قوى الكفاح المسلح المختلفة لتكوين جبهة موحدة ضد الاستعمار البريطاني ، وانطلق النضال المنظم ، والذي افضى الى رحيل المستعمر في 30نوفمبر 1967م
وعودة لفترة الاحتلال البريطاني الذي استمر 129عاماً فمنذ وصول المحتلين إلى عدن في 1839م عملت بريطانيا على تصوير نفسها أنها صديقة لليمنيين ، وعملت على تنفيذ مخططها في الاحتلال والسيطرة تحت عناوين ومبررات وسواتر مختلفة ، وانتهجت اسلوب الصداقة المزيفة فاختارت من اليمنيين موظفين لدى حكومة الاحتلال ، وأدرجت بعضهم في مدارسها، وعززت فكرة السلطنات المتفرقة التي بلغ عددها 21 إمارة وسلطنة ومشيخة ودعمت بقائها، وخصصت رواتب وميزانيات للمشائخ والسلاطين
ولمزيد من تثبيت احتلالها أوهمت مشائخ السلطنات في العام 1954م بانشاء دولة باسمهم في محاولة لاستباق رياح التحرر ، تحت مسمى اتحاد إمارات الجنوب العربي ، وهو كيان سياسي أرادت بريطانيا أن تستمر في سيطرتها على الجنوب من خلاله ، وتم إعلانه عام 1959م وكان لهذا الكيان دستور صاغه المحتل ، وقامت بتأسيس جيش موحد من ابناء هذه السلطنات والقبائل يأتمر بأمرها، وذهبت باتجاه ترسيم الحدود مع الامام يحي لفصل اليمنيين بعضهم عن بعض ، وإيهام من تحت احتلالها أنهم دولة مستقلة بينما طوال قرون سابقة ظلت الممالك اليمنية إما متوحدة أو متداخلة دون فواصل ولاحدود ، كما عمدت شراء ذمم كثير من ضعفاء النفوس من أبناء البلد بالمال والوظائف والامتيازات ليبرروا لها استعمارها ، وليحسّنوا وجهها القبيح ويقدموها كمنقذ وصديق
في جانب أخر مارست القمع في حق معارضي وجودها وفتحت لهم المعتقلات وقصفت بالطيران مناطق قبلية أعلنت رفضها للحكم البريطاني ، وأخمدت بالحديد والنار انتفاضات متعددة قامت ضدها ونوّعت في أساليب قمع المتظاهرين وإذلالهم ، فماذا كانت النتيجة ؟كانت النتيجة الطبيعية ان اليمنيين رفضوا الاستجابة لكل أساليب الترغيب والترهيب ، واستمروا في محاولات التحرر حتى تتوجت جهودهم بطرد المحتل صاغراً مُخلّفاً مقبرة لجنوده ، وقلة من الحثالة الذين عملوا معه ولاجله ، وكبرياء مملكة مرّغ اليمنيون أنفها في التراب بعد أن خُيّل لها أن وجودها في مأمن من ضربات التواقون للتحرر
اليوم في الذكرى التاسعة والخمسين لذكرى ثورة اكتوبر المباركة يمكننا أن نرى كيف تطل مشاريع استعمارية تغلف نفسها باسماء وصفات تبدو صديقة ونافعة ومفيدة تماماً كما فعل الاستعماريون القدامى ، وبنفس السذاجة يعتقدون أنهم في مأمن فيدفعون ويقمعون ، ولم يعوا الدرس الذي لقنه اليمنيون لسابقيهم الذين انتهجوا نفس الطريق ترغيباً وترهيباً ، لكن كل شئ ذهب ادراج الرياح وطُرد الاستعمار وتحرر اليمنيون ، وسيكررون نضالهم كلما دعت الحاجة
دمتم سالمين