نساء ريف تعز.. معاناة جلب المياه
منذ 3 ساعات
تعز- عدي الدخينيمنذ الصباح الباكر، تبدأ “أم جلال” رحلتها اليومية لجلب المياه من أحد الآبار، في قريتها بعزلة الشراجة، بمديرية جبل حبشي، غرب محافظة تعز، جنوب غرب اليمن
مشهدٍ يتكرر منذ عقود من الزمان؛ يشرح المعاناة الأزلية لسكان المنطقة مع المياه
تقول أم جلال لـ”المشاهد”: “اعتدنا كل صباح أن نذهب إلى البئر لجلب الماء، ثم نعود لإكمال أعمال البيت”
وتضيف: “أن الماء لم يصل إليهم منذ أن سكن أجدادهم القرية، وحياتهم كلها تعب ومشقة”
وتتابع: “الأسرة التي لا تمتلك حميرًا أو أطفالًا يساعدونها في جلب المياه تعاني أكثر، إذ تضطر النساء إلى حمل الماء على رؤوسهنّ لمسافاتٍ طويلة”
وتعيش عشرات الأسر في قرية “الهفار” بعزلة الشراجة، معاناةً يوميةً في البحث عن المياه وجلبه إلى المنزل منذ مئات السنين
حيث يعتمد الأهالي بشكلٍ كامل على آبارٍ بعيدة ليوفروا حاجتهم اليومية من المياه، وتقطع النساء والأطفال مسافاتٍ طويلة؛ للوصول إلى تلك الآبار والعودة محملين بالماء
تقول العشرينية “وفاء مسعد”: “نقطع مسافة كيلومتر برفقة عدد من فتيات المنطقة، ونقطعها في اليوم الواحد من ثلاث إلى أربع مرات؛ لتوفير كميةٍ كافيةٍ لحاجتنا من المياه”
هذه المشقة المُزمنة في أزمة المياه التي تعانيها عزلة الشراجة، جعلت من هاتين البئرين مصدرًا مائيًا وحيدًا، وإن كانتا بعيدتين لآلاف الأسر في هذه القرى المترامية
وفاء مسعد، سيدة في عزالة الشراجة: نقطع مسافة كيلومتر برفقة عدد من فتيات المنطقة، ونقطعها في اليوم الواحد من ثلاث إلى أربع مرات؛ لتوفير كميةٍ كافيةٍ لحاجتنا من المياه
”لكن البُعد في المسافة لم يكن المشكلة الوحيدة بنظر هؤلاء، فحين تفرض التقلبات المناخية متغيراتها، وتتعرض الآبار للنضوب في فصل الشتاء؛ يضاعف حاجة الأهالي للمياه، ويزيد رحلات النساء والفتيات للبحث عن مياهٍ في مواقع أخرى
في هذا السياق، تقول، نوال صالح، “45 عامًا” لـ”المشاهد”: “إنها تمشي مسافات طويلة تقدر بنحو 1200 متر يوميًا؛ لجلب المياه من أحد الآبار في المنطقة”
موضحةً أن ذلك يستغرق منها وقتًا طويلًا، ويترك آثارًا صحيةً عليها؛ نتيجة حملها 20 لترًا من الماء على رأسها
“حياتنا كلها كفاح ومشقة”
هكذا تصف نوال معاناتها مع المياه بصوتٍ مكلوم
وتتابع: “منذ بزوغ الفجر نبدأ رحلتنا في جلب المياه حتى الساعة السابعة أو الثامنة صباحًا، ثم نواصل أعمالنا اليومية في المنزل، ونعود مرةً أخرى بعد الظهر من الثالثة عصرًا حتى السادسة مساءً في رحلةٍ يومية لا تنتهي”
من جانبه، يقول رئيس جمعية المياه في قرية الهفار، علوات الشراجي: “الأهالي يعيشون معاناةً كبيرة منذ سنواتٍ طويلة، وخصوصًا أن المياه باتت تشكل عبئًا يوميًا وتثقل كاهل الأسر”
ويضيف في حديثه لـ”المشاهد”: “بعض النساء تضطر للذهاب في ساعاتٍ متأخرةٍ من الليل للبحث عن المياه وجلبها من آبار بعيدة عن المنازل، وخصوصًا خلال فصل الشتاء، في ظل غياب أي بدائل آمنة أو قريبة”
رئيس جمعية المياه في قرية الهفار، علوات الشراجي: بعض النساء تضطر للذهاب في ساعاتٍ متأخرةٍ من الليل للبحث عن المياه وجلبها من آبار بعيدة عن المنازل، وخصوصًا خلال فصل الشتاء، في ظل غياب أي بدائل آمنة أو قريبة”
وأوضح الشراجي أن أهالي قرية الهفار يعتمدون على بئرٍ يدوية بشكل أساسي، وهي بحاجة إلى تعميق أربعة أمتار، وتجهيزها بـ”فرامات”، وبناء خزان خرساني وخط ضخ وإسالة
بالإضافة إلى حاجة البئر إلى منظومة طاقةٍ شمسية وغطّاس لضمان استمرار تدفق المياه
وأشار إلى أن الجمعية قدمت مذكرات رسمية مبنية على دراسةٍ معتمدة من الهيئة العامة لمشاريع مياه الريف في المحافظة، إلى عددٍ من المنظمات والسلطة المحلية بالمديرية، غير أن تلك المذكرات “قوبلت بالرفض”
الشراجي بيّن أن برنامج التنمية الإنسانية التابع للمؤسسة الخيرية لهائل سعيد أنعم كان قد أبدى تجاوبًا وأدرج دراسة المشروع ضمن خطة عام 2025، إلا أنه حتى اللحظة ومع اقتراب نهاية العام لم ينفذ وعوده، بحسب قوله
ويبلغ عدد سكان قرية “الهفار” نحو 2140 نسمة، ما يعادل 270 أسرة، يعيشون في حرمانٍ شبه كامل من الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها المياه
إذ تحتاج القرية إلى نحو 46 ألف لتر يوميًا من الماء، وسط غياب أي مشاريع تنموية تخفف معاناتهم المستمرة، وفقًا لحديث رئيس الجمعية علوان الشراجي لـ”المشاهد”
ولفت إلى أن الأهالي يعتمدون حاليًا على مولد صغير لضخ المياه من البئر إلى خزانٍ أرضي بسعة 21 ألف لتر يقع بجوارها، ثم تقوم النساء بنقل المياه على رؤوسهنّ وبواسطة الحمير أيضًا
اليمن من أكثر البلدان معاناةً في ندرة المياه على مستوى العالم، إذ يقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن حصة الفرد من موارد المياه المتجددة لا تتجاوز 80 مترًا مكعبًا سنويًا، مقارنةً بالحد العالمي البالغ 1000 متر مكعب
وأوضح أن اليمن يعتمد بشكل كبير على الأمطار والمياه الجوفية المتراجعة، وتتأثر المجتمعات الريفية بهذه الأزمة المائية بشكل غير متناسب
إذ يفتقر أكثر من 14
5 مليون شخص إلى مياه شربٍ آمنة وخدمات الصرف الصحي، فيما تتحمل النساء والفتيات العبء الأكبر في جلب المياه
وأشار البرنامج إلى أن 70 –80% من النزاعات الريفية مرتبطة بالمياه، مؤكدًا أن الفقر سبب ونتيجة لهذه الأزمة، ويعيش 80% من السكان تحت خط الفقر ويعتمد معظمهم على الزراعة والموارد الطبيعية للبقاء
وشهدت مدينة تعز في مايو الماضي أزمة مياهٍ خانقة، فاقمت معاناة سكان المدينة، ووصل سعر الصهريج الواحد إلى مائة ألف ريال، الأمر الذي أوصل السكان إلى البحث عن جالون 20 لتر من الماء الصالحة للشرب في مختلف الأحياء وشوارع المدينة، مع تكرار مشاهد النساء والأطفال وهم يقفون في طوابير لتعبئة المياه
ما رأيك بهذا الخبر؟سعدنا بزيارتك واهتمامك بهذا الموضوع
يرجى مشاركة رأيك عن محتوى المقال وملاحظاتك على المعلومات والحقائق الواردة على الإيميل التالي مع كتابة عنوان المقال في موضوع الرسالة
بريدنا الإلكتروني: almushahideditor@gmail
com تصلك أهم أخبار المشاهد نت إلى بريدك مباشرة
الإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقاريرمن نحن