نسيم أرمان: قصة نجاح وملهمة النساء ذوات الاحتياجات الخاصة
منذ 7 أشهر
عدن- ماجد الطيارنسيم أرمان، 45 عامًا، من حي دار سعد بمدينة عدن، أصيبت بحمى شديدة في صغرها، ما تسبب لها بإعاقة حركية دائمة في قدمها اليسرى
في حديثها لـ “المشاهد”، تقول نسيم: “عشت طفولة مقيدة، حيث لم أتمكن من اللعب أو الركض مثل الأطفال الذين كنت أشاهدهم
كنت أشاهدهم بحسرة، ولم أكن أفهم ما بداخلي، لكن كان لدي تساؤل: لماذا هم يستطيعون اللعب بينما أنا لا أستطيع؟”
في ظل الصراع المستمر في اليمن، يعيش ملايين من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في ظروف صعبة
وتشير الإحصائيات إلى أن حوالي 4
9 مليون شخص من إجمالي السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة، يعانون إعاقة واحدة على الأقل
ويعد التمييز الاجتماعي والتنمر من أكبر العقبات التي تواجه الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة
غالبًا ما يُنظر إليهم كعبء على المجتمع، ما يؤدي إلى تهميشهم وحرمانهم من الفرص في التعليم والعمل
التمييز والتنمر يزيدان من معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة ويحدان من قدرتهم على تحقيق حياة كريمة
تعرضت نسيم للتنمر من الطلاب في المدرسة، ما جعلها تشعر بأنها مختلفة
تقول: “كان ينظر إليّ المجتمع بشفقة، ويتساءل الكثير من الناس: لماذا تدرسين؟ لكن أمي، رحمها الله، كانت ترد دائمًا: لن ينفعها إلا تعليمها”
على الرغم من الفقر الشديد، كان دعم عائلتها، بخاصة والدها، له أثر إيجابي كبير على تعليمها
تقول نسيم: “كان والدي يشجعني على القراءة ويشتري لي الكتب في الإجازة، ويحثني على حرية النقاش وكيف أرد على أي شخص يستهزئ بي أو بشكلي أو بطريقة مشيي
علمني كيف أعمل في أسوأ الظروف
وبفضل دعم والدي المستمر، حققت نجاحًا كبيرًا في حياتها المهنية والشخصية”
بعد وفاة والدتها، تحملت مسؤولية أكبر
تقول لـ “المشاهد”: “كانت والدتي مصدر إلهامي وقوتي
فقدانها كان صعبًا، لكني كنت أعلم أنه يجب عليّ أن أكون قوية من أجلها ومن أجل أسرتي”
الدراسة والعملدرست نسيم علم الاجتماع وحصلت على شهادة البكالوريوس من كلية الآداب بجامعة عدن
تقول: “كان لدي حلم بأن أكون شخصًا مؤثرًا في المجتمع، ولم أسمح لأي شيء أن يمنعني من تحقيق أهدافي”
في المرحلة الجامعية، كانت نسيم تعمل في المنزل وتبيع “المقصقص”، نوع من المخبوزات اليمنية، وتدرس وتعلم طلاب المدارس دروسًا خصوصية لتغطية تكاليف المواصلات والكتب الجامعية
بعد أن تزوجت، لم تتوقف نسيم عن العمل، وكان زوجها مساندًا لها في كل الظروف
تقول: “كان زوجي دائمًا يشجعني ويقف بجانبي في كل خطوة
لقد كان شريكًا حقيقيًا في كل نجاح حققته”
اليوم، نسيم أم لثلاثة أطفال، وترى أن أطفالها مصدر لسعادتها وإلهامها
نجحت نسيم في تحقيق توازن بين حياتها المهنية والأسرية بفضل دعم زوجها وإصرارها على تحقيق النجاح
حققت نسيم واحدًا من أحلامها بعد أن حصلت وظيفة حكومية
تقول: “شعرت أنني أنجزت الكثير بعد أن حصلت على وظيفة حكومية، بخاصة بعد وفاة أمي وتقاعد أبي، حيث أصبحت مسؤولة عن البيت وعن أخواتي”
مواجهة التحديات واجهت نسيم العديد من التحديات الاجتماعية بسبب إعاقتها، حيث كانت نظرة المجتمع تجاه الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة سلبية في كثير من الأحيان
تقول: “المجتمع قد يكون قاسيًا في بعض الأحيان، ولكنني أؤمن بأن الثقة بالنفس والإصرار يمكن أن يغيرا هذه النظرة
النساء ذوات الإعاقة لديهن طاقات إيجابية كبيرة يمكن أن تسهم في تقدم المجتمع، ولكنهن بحاجة إلى الدعم والتشجيع”
تعاملت نسيم مع التنمر بهذه الطريقة: الابتسامة دائمًا وعدم الاعتماد على أحد
تقول: “كان أبي يقول لي: اعتمدي على نفسك ولا تنتظري من أحد شيئًا، لأنك تقدرين أن تقودي حياتك وتخدمي نفسك”
تشير نسيم إلى أن الأسرة هي من تصنع شخصية الطفل، وإذا لم يكن لدى الطفل أسرة تحتويه وتشجعه، يصبح الطفل عرضة للكثير من الأفكار والتصرفات السلبية
العمل المجتمعيإلى جانب عملها كمعلمة، أسست نسيم مؤسسة أرمان التنموية التي تسهم في مساندة ودعم النساء من ذوات الاحتياجات الخاصة، وتشجعهن على افتتاح مشاريعهن الخاصة
تقول: “أتمنى أن تكون لدى النساء من ذوات الاحتياجات الخاصة رؤية مستقبلية، وأن يحاربن من أجل تحقيق أحلامهن
كل امرأة يمكن أن تكون قصة نجاح بحد ذاتها”
عن طريق المؤسسة، تمكنت نسيم من توفير فرص تدريبية وتعليمية للعديد من النساء، ما ساعدهن على تحقيق استقلالية مالية، وتحسين جودة حياتهن المعيشية
تقول نسيم: “أشعر بالفخر عندما أرى النساء اللاتي دربتهن يحققن نجاحات كبيرة
هذا هو هدفي، أن أكون جزءًا من تغيير إيجابي في حياة الآخرين”
تخطط نسيم لتوسيع نطاق عمل مؤسستها لتشمل مناطق أخرى في اليمن، وتوفير المزيد من الفرص التدريبية والتعليمية للنساء ذوات الاحتياجات الخاصة، وإطلاق مبادرات جديدة تهدف إلى تمكين المزيد من النساء لتحقيق تأثير أكبر في المجتمع
حصلت نسيم على عدة جوائز تقديراً لجهودها في دعم وتمكين النساء ذوات الإعاقة، منها جائزة “المرأة المتميزة” التي تمنحها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل
تقول: “هذه الجوائز تعني لي الكثير، لكنها ليست النهاية
إنها بداية لمزيد من العمل والجهد لتحقيق المزيد من النجاحات”
التحديات والتطلعاتعلى الرغم من النجاحات التي حققتها نسيم، لا تزال تواجه العديد من التحديات
من بين هذه التحديات، نقص التمويل والدعم الحكومي لمؤسسة أرمان التنموية، بالإضافة إلى التحديات الاجتماعية التي تواجهها النساء ذوات الاحتياجات الخاصة في اليمن
تعتقد نسيم أن من ضمن الخطوات لتغيير النظرة السلبية هي إعطاء الأشخاص ذوي الإعاقة حقوقهم في التعليم والتدريب المهني والفرص في المناصب
تقول: “لابد من دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع دمجًا حقيقيًا
”تطمح نسيم إلى توسيع نطاق عمل مؤسستها لتشمل مناطق أخرى في اليمن، وتوفير المزيد من الفرص التدريبية والتعليمية للنساء ذوات الاحتياجات الخاصة
كما تأمل في تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والمحلية لتوفير الدعم اللازم لمشاريعها
مقترح ونصيحةلمواجهة التمييز والتنمر ضد الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في اليمن، تقترح نسيم اتخاذ خطوات فعالة تشمل التوعية المجتمعية، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعزيز القوانين التي تحمي حقوقهم وتطبيق سياسات صارمة ضد التنمر في المدارس وأماكن العمل
وتؤكد على أهمية دعم المبادرات التي تهدف إلى تمكين الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال التدريب والتوظيف، وتسليط الضوء على قصص نجاحهم
تأمل نسيم أن تكون قصتها مصدر إلهام للآخرين وأن تشجع المزيد من الأشخاص على تحقيق أحلامهم
تختم حديثها وتقول: “يمكننا أن نحقق الكثير إذا آمنا بأنفسنا وبقدراتنا
لا بد من معرفة حقوقنا وواجباتنا والمطالبة بها، ويجب أن نعمل على أنفسنا ولا نيأس، لأن الله كرمنا بأشياء لا توجد عند غيرنا”
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير