هروب الجنود من جبهات تعز نحو الحدود.. المال يختطف البنادق من معركة المصير

منذ يوم

 في وقتٍ تتصاعد فيه التحديات الأمنية والعسكرية في مدينة تعز، بات الجيش اليمني يواجه أزمة متفاقمة، لا على صعيد الجبهات أو العتاد، بل في فقدان أحد أهم عناصر قوته: الأفراد

فقد تصاعدت في الآونة الأخيرة ظاهرة هروب الأفراد الجنود من جبهات تعز للالتحاق بجبهات القتال على الحدود اليمنية السعودية، بحثًا عن دخلٍ كريم، في ظل تفاوت صادم بين الرواتب

  فارق الراتب

دافع أقوى من الولاء؟ في جبهات تعز، حيث تدور رحى المعركة ضد ميليشيا الحوثي منذ سنوات، لا يتجاوز راتب الجندي اليمني مبلغ 90 ريالًا سعوديًا شهريًا (أي ما يعادل نحو 24 دولارًا)، وهو مبلغ لا يكفي حتى لتغطية نفقات الطعام والمواصلات

في المقابل، يحصل الجندي الذي ينتقل للقتال في جبهات الحدود، تحت إشراف التحالف العربي، على راتب يصل إلى 2000 ريال سعودي (أكثر من 500 دولار أمريكي)، إلى جانب حوافز وإعاشة وانتظام في الصرف

 أنا جندي من تعز منذ أربع سنوات، ولم أستطع توفير شيء لأطفالي، يقول أحد الجنود الفارين الذي طلب عدم الكشف عن اسمه

حين عرض علي صديقي الانضمام إلى جبهة الحدود، لم أتردد

لا يمكن أن أقاتل ببندقية خاوية ومعدة فارغة

 أرقام صادمة: نزيف في صفوف الجيش تشير تقارير غير رسمية إلى أن أكثر من 40% من أفراد بعض الجبهات في تعز قد غادروها خلال الأشهر الماضية، معظمهم باتجاه الحدود

ويجري تنسيق هذه التحركات عبر وسطاء أو ضباط ارتباط يتولون ترتيب انتقال الأفراد مقابل مبالغ أو وعود مالية، في ظل غياب رقابة مركزية حقيقية

 أحد منتسبي الجيش في تعز يصرح

نحن لا نلوم الجنود، بل نلوم من خذلهم

 القيادة العسكرية في مأزق سوف تجد القيادات العسكرية في تعز نفسها في موقف حرج؛ فهي عاجزة عن الوفاء بمتطلبات الجنود، كذالك تعاني من انقطاع المرتبات، والتهميش السياسي

وفي ظل غياب الدعم الحكومي واللامبالاة المركزية، تتحول تعز إلى ساحة مفتوحة للنزيف العسكري

 يشير أحد الضباط في منشور له المشكلة ليست فقط في المال، بل في الإهمال السياسي لتعز

الجندي هنا يقاتل بلا دعم، بلا تأهيل، وبلا أفق

في المقابل، يُستقبل على الحدود كعنصر محترم له قيمة

 كيف يمكن للجيش في تعز مواجهة هذه الظاهرة؟ لوقف النزيف، يحتاج الجيش الوطني في تعز إلى خطوات عاجلة وجريئة: 1

توحيد الرواتب والمخصصات: لا يمكن ترك الجنود في تعز يتقاضون ما لا يغطي أبسط احتياجاتهم، بينما زملاؤهم في الحدود يتقاضون أضعافًا مضاعفة

هناك حاجة ملحة لتوحيد المعايير المالية، أو على الأقل، تحسين رواتب أفراد الداخل إلى الحد الذي يمنع هروبهم

 2

إنشاء صندوق دعم خاص لتعز: بمشاركة الحكومة اليمنية والتحالف والجهات الداعمة، يمكن تأسيس صندوق خاص لدعم جبهات تعز، يوفر رواتب منتظمة وحوافز للمرابطين

 3

تعزيز اللامركزية العسكرية والإدارية: يجب منح قيادة المحور صلاحيات أكبر في إدارة شؤون الأفراد والتمويل، بدلًا من انتظار أوامر من الخارج

 4

التقدير المعنوي والإعلامي: الجنود بحاجة إلى الاعتراف بتضحياتهم، عبر برامج إعلامية، وزيارات ميدانية، ومنح أوسمة وتقديرات

  ختامًا: الرصاصة تحتاج لقوت يومها بين جندي يحمل بندقيته في جبهة تعز، ويقاتل في الجبال دون راتب، وآخر يرابط في الحد الجنوبي مزودًا بكل الاحتياجات، يبقى السؤال: هل يمكن أن نطلب من الجندي الولاء فقط، دون أن نوفر له الحد الأدنى من الكرامة المعيشية؟ ما لم تُعالَج هذه الأزمة سريعًا، فقد لا نجد في الغد من يدافع عن المدينة التي ظلت، رغم الجراح، تقاتل من أجل الجمهورية