هزاع البيل : الحوثيون وصناعة البطولة الوهمية

منذ 4 ساعات

هزاع البيل أعلنت جماعة الحوثي أمس الأربعاء عن إحصائية لعدد الضحايا اليمنيين جراء القصف الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني خلال العام الماضي

 هذا الإعلان، رغم ظهوره بمظهر إنساني، لا يمكن فصله عن السياق السياسي والدعائي الذي تجيده الجماعة وتستخدمه لتحقيق أهدافها الداخلية والخارجية ضمن سياق التوجه العام للمشروع الإيراني في المنطقة

عرف عن هذه الجماعة، المصنفة كجماعة إرهابية، أنها لا تعرض معاناة اليمنيين لمجرد إيضاح المعلومة، بل تستخدم الأوجاع والدماء لصناعة سردية تخدم مشروعها العنصري وتحقيق أهداف عسكرية وسياسية واقتصادية، تبدأ من الداخل وتنتهي عند المجتمع الدولي

في الداخل

تهدف جماعة الحوثي من إعلان هذه الإحصائية إلى استمرارية ما تصفه بـ الشرعية الثورية التي بدأت تتآكل تحت ضغط مطالب واحتياجات اليمنيين، خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي نتيجة استمرار نهبها للمرتبات والإيرادات العامة وعدم تقديمها للخدمات في مقابل ذلك

 انتهت حرب غزة ولم يعد لدى هذه الجماعة مبررات إضافية تبرر نهب وقتل والتنكيل باليمنيين، وبالتالي فان عرض الخسائر بهذا الشكل وفي هذا التوقيت يساعدهم على استغلال مشاعر التعاطف لتمديد إحكام قبضتهم على المجتمع وتبرير السياسات القمعية وسحق الأصوات التي تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية

 بهذا البيان سيقدمون أنفسهم كضحايا يجب أن يحصلوا على ثمن تضحياتهم من أجل قضية عربية إسلامية، وليسوا مجرد جماعة محلية

يعتقد الحوثيون بأنهم بحاجة إلى ما يساعدهم على توفير أوراق ضغط إضافية تفاوضية أمام الوسطاء والدول للمطالبة بالاعتراف بهم كسلطة أمر واقع يحكمون ما تحت سيطرتهم من أرض وشعب

 يفشلون في التسويق لمشروعهم العنصري والإرهابي، ولهذا يراهنون على دماء الضحايا اليمنيين والفلسطينيين للتسويق لهم ومساعدتهم في ابتزاز المجتمع الدولي

أي من بوابة الوضع الإنساني يحاولون انتزاع شرعية سياسية لا يملكونها شعبيا (محليا)

 الحوثيون يحاولون تحويل أنفسهم من جماعة مارست كل قبيح وإجرامي في اليمن، إلى مدافعين عن الشعب الفلسطيني

وهذا ليس جديدا

بل أسلوب قديم قائم على استخدام القضايا العادلة الكبرى لتغطية الجرائم المحلية

تنشر جماعة الحوثي هذه الإحصائيات اليوم، حرصا منها على استمرار حالة الاستنفار الشعبي كي لا يلتفت الناس لحياتهم واحتياجاتهم

تريد إبقاء اليمنيين في حالة حرب دائمة كي يستمروا هم في الحكم دون أي التزامات تقدم للناس

أمام تجاهل حركة حماس للحوثيين وشكرها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تصرخ جماعة الحوثي بنشر مثل هذه الاحصائيات للفت الانتباه، كما تسعى لتحشيد مزيدا من اليمنيين للقتال في صفوفها من خلال إثارة المشاعر الوطنية والدينية، وتقديم أنفسهم كقوة تقاتل من أجل قضية عادلة وتدفع الثمن مقابل مواقفها مما يسهل عليها اصطياد مقاتلين وأنصار جدد محليا وعربيا

الحقيقة الجلية أمام اليمنيين أولا، والعقلاء من أنحاء العالم، أن هذه الجماعة تريد تكريس بطولة وهمية من خلال استخدام جثث الضحايا في اليمن وفلسطين

هذه البطولة الوهمية تساعد على تصفير عداد جرائمها في اليمن، وتمنحها رصيدا إضافيا لتمارس سلسلة أخرى من الجرائم وتستمر أكثر في خنق اليمنيين

ذكر الحوثيين للضحايا ليس لإنصافهم، بل لتبرير استمرار آلة الحرب وأدوات التحشيد وللضغط السياسي وابتزاز اليمنيين ودول الإقليم والعالم من أجل تمكينهم من حكم اليمن