هزاع البيل : حين تتقدّم الدولة… ويتراجع العبث

منذ 2 ساعات

هزاع البيل في الدول التي تخوض صراعات معقّدة، يصبح الحفاظ على الدولة ومؤسساتها هو خط الدفاع الأول عن الاستقرار، لا مجرد خيار سياسي قابل للتأجيل، واليمن في هذه المرحلة المفصلية من تاريخه، يواجه اختباراً دقيقاً يتطلب وضوحاً في المواقف، وحزماً في القرارات، وانتصاراً صريحاً لمنطق الدولة على حساب كل أشكال العبث والفوضى

ما أعلنه المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي بشأن دخول سفينتين قادمة من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون تصاريح رسمية، وتعطيل أنظمة التتبع، وإنزال شحنات أسلحة وعتاد قتالي، لا يمكن التعامل معه كحادثة عابرة، فالمسألة تتجاوز خرق الإجراءات، لتصل إلى محاولة خطيرة لتأجيج الصراع في محافظات عرفت تاريخياً بالاستقرار والسلم المجتمعي، وفي توقيت بالغ الحساسية يخوض فيه اليمن معركته الأساسية ضد ميليشيا الحوثي الإرهابية

 الخطورة لا تكمن فقط في طبيعة الشحنات، بل في الرسالة التي تحملها وهي خلق مراكز قوة خارج إطار الدولة، وضرب وحدة القرار العسكري والأمني، وفتح جبهات داخلية تستنزف فيها الدولة بدل أن تتماسك، وهو مسار يتناقض كلياً مع جهود التهدئة، وينتهك بوضوح قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي يؤكد حصر السلاح بيد الدولة الشرعية

في هذا السياق، جاءت العملية العسكرية المحدودة التي نفذتها قوات التحالف بقيادة السعودية استجابة مباشرة لطلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، وبهدف واضح يتمثل في حماية المدنيين ومنع التصعيد، ونُفذت وفق القانون الدولي الإنساني، وانتهت دون خسائر بشرية أو أضرار في البنية التحتية، ما يعكس حرص التحالف على تحقيق الأمن دون الانزلاق إلى فوضى القوة المفتوحة

الأهم من العملية ذاتها، هو ما تحمله من دلالات سياسية وأمنية بأن التهدئة ليست شعاراً للاستهلاك، وأن حماية الاستقرار في حضرموت والمهرة خط أحمر، وأن أي دعم عسكري لا يمر عبر الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف لن يُسمح له بالوصول أو التأثير

وفي مقابل هذه الحزم، يبرز التزام التحالف، وفي مقدمته المملكة العربية السعودية، بمبدأ خفض التصعيد ومنع اتساع دائرة الصراع، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن أمن اليمن واستقراره لا يتحققان إلا بدولة واحدة، ومؤسسات منضبطة، وقرار عسكري موحد

الخلاصة أن ما جرى في ميناء المكلا ليس مجرد عملية عسكرية محدودة، بل رسالة سياسية واضحة، فزمن الفوضى المقنّعة بالشعارات يقترب من نهايته، ومنطق الدولة مهما طال اختباره هو الخيار الوحيد القادر على إنقاذ اليمن من دوامة الصراعات المفتوحة وحماية مستقبله من التفكك