هكذا ساهمت المرأة اليمنية في صناعة التغيير

منذ 3 أشهر

كتب – زكريا حسان ساهمت المرأة اليمنية في صناعة التغيير

وقطعت مشوارًا طويلًا ورحلة كفاح شاقة في سبيل ذلك

على الرغم من الظروف الصعبة المحيطة بها والعقبات التي تواجهها في مختلف مجالات الحياة

فقبل ولادة اليمن الجمهوري كانت المرأة تعيش في جهل وفقر وظلام

لا سيما بالشطر الشمالي من اليمن الذي حكمه الأئمة ومارسوا فيه سياسة التجويع والتجهيل ونشر الخرافة لإحكام سيطرتهم على الشعب

بحسب الباحثة الروسية “إيلينا جولوبوفسكايا”، في كتابها ثورة 26 سبتمبر في اليمن

إلا أن المرأة كان لها دور فاعل في التحرر ومناهضة الظلم والاستبداد

رغم ما حلّ بها من ظلم وإقصاء خلال تلك الفترة

كان للمرأة اليمنية دور فاعل في التحرر ومناهضة الظلم والاستبداد، رغم ما حل بها من إقصاء وحرمان من التعليم والحياة الكريمة قبل ولادة اليمن الجمهوريومنذ انطلاق الشرارة الأولى لثورة 26 سبتمبر ظلت صفحات كفاح المرأة تقبع في الظل

ولم توثق المصادر التاريخية أدوارها في مساندة الرجل والدفع به في طريق الثورة وتحمل المسؤوليات اليومية بدلاً عنه

صحوة مبكرة الحاجة “فاطمة” واحدة من النساء اليمنيات اللائي لم يقبلنّ العيش في قبضة الأئمة والخضوع لسياسة القمع والتسلط

فعلى الرغم من أنها لم تكن تدرك مفردات الثورة والكفاح المسلح ودولة المواطنة المتساوية

إلا أنها كانت متيقنة أنه من الصعب العيش في تلك الظروف وأن الله لا يرضى للناس العيش تحت سوط الإمام، بحسب ابنها عبدالعليم

قناعات الحاجة فاطمة، التي تعيش في قرية نائية بضواحي تعز، جعلتها تدفع بزوجها للالتحاق بركب الثورة، يضيف التربوي عبدالعليم

موضحًا: “أدركت فاطمة أنها ستتحمل مسؤولية زراعة الأرض والدفاع عنها حتى من أقارب زوجها

الذين ظلوا يؤكدون لها أن من يذهب للحرب لن يعود”

آلاف الزوجات دفعنّ بأزواجهنّ إلى الكفاح المسلح، وتحملنّ مشقة الغياب والخوف وتربية الأولاد، ومسؤولية زراعة الأرض والدفاع عنها في سبيل رفض العيش تحت سطوة الإمامةوتمثل فاطمة آلافًا من زوجات الجنود اللواتي دفعنّ بأزواجهنّ إلى الكفاح المسلح

وتحملنّ مشقة الغياب والخوف وتربية الأولاد

في حين يتهكم المجتمع على تضحياتهنّ ويسخر من انضمام أزواجهنّ للثورة آنذاك

نماذج مشرفة تشعر الأديبة والناشطة سماح الشغدري بالأسف لتغييب نضالات النساء بثورة 26 سبتمبر 1962، والبطولات التي قمنّ بها بجانب إخوانهم الرجال

من خلال تقديم الدعم اللوجستي للثوار وعلاج الجرحى وتهريب الأسلحة ونقل الرسائل السرية

تقول الشغدري: “المرأة كانت الجندي المجهول في معارك التحرر والاستقلال

واستطاعت إثبات حضورها رغم أن المجتمع اليمني خلال تلك الفترة كان منغلقًا ومحافظًا”

المرأة اليمنية كانت “الجندي المجهول” في معارك التحرر والاستقلال، واستطاعت إثبات حضورها رغم إنغلاق المجتمع اليمني حينها، حيث عالجت الجرحى وساعدت في تهريب الأسلحة ونقل الرسائل السرية، إلا ان كل تلك النضالات تم تغييبها وترى الأكاديمية والدبلوماسية الدكتورة خديجة الماوري أن المرأة اليمنية أثبتت -تاريخيًا- أنها عنصر فاعل وأساسي في النضال من أجل الحرية

وأنها شريك فاعل في نضالات الشعب، سواءً ضد الاستعمار أو الطغيان الداخلي

وعنصر لا يمكن الاستغناء عنه في معركة التحرر والبناء الوطني

وتشير إلى نضالات “تحفة سعيد سلطان الشرعبي” ضد الإمام قبل عشر سنوات من الثورة؛ كنموذجٍ فريد من كفاحات المرأة اليمنية

حيث استطاعت حث وتوحيد أبناء شرعب على رفض أساليب الظلم التي يمارسها عمال الإمام كما حرضتهم على استعادة أراضيهم المنهوبة

وتروي الماوري كيف قادت “تحفة” أول مسيرة سلمية راجلة من شرعب إلى قصر العرضي بتعز؛ لإيصال رسالة احتجاجية للإمام أحمد ضد ظلم عماله

فوعدها بوقف الظلم، إلا أن عامله في شرعب عاد لممارساته السابقة بعد أشهر قليلة

فقامت بطرد عامل الإمام وعساكره

وعندما وصل الخبر إلى الإمام، هددها برسالته الشهيرة: “يا شرعبية خلي الأذية صوت المدافع بالجحملية”

فلم تذعن وأعلنت التمرد على سلطة الإمام، وكان لها الفضل بخروج منطقتها عن سيطرة الإمام قبل خمس سنوات من الثورة

“تحفة الشرعبية” قاومت الإمام وطردت عماله قبل قيام ثورة 26 سبتبمبر بعشر سنوات، وقادت مسيرة راجلة من شرعب إلى قصر الإمام بتعز لتشتكي عماله، ولما لم ينتهوا قامت بطرد عمال الإمام، وجعل منطقتها خارج سيطرة الإمامة وعلى الجانب الآخر من الوطن، كانت المرأة جنوبًا أكثر انفتاحًا وتعليمًا منها في الشمال

ما انعكس إيجابًا على مستوى مشاركتها في ثورة 14 أكتوبر 1963 والتحاقها بالتنظيمات والكيانات الثورية، بحسب مؤرخين

ويقول الباحث التاريخي عبدالعالم مهيوب: “شاركت المرأة اليمنية في الجنوب بمختلف أشكال النضال السلمي منذ تأسيس مؤتمر العمال العام 1956

كما التحقت العديد من النساء بجمعية المرأة العربية التي برزت من خلالها عديد أسماء في سماء الثورة

كالمناضلات فتحية باسنيد، أنيسة الصائغ، نجوى مكاوي، زهرة هبة الله، وغيرهن”

ويصف مهيوب دور المرأة الجنوبية في زمن الثورة بـ”المتنوّع”

موضحًا أنها ساعدت الثوار في تنقلاتهم ونقل أسلحتهم بين المناطق المختلفة، وفي تزويدهم بالطعام والماء والمعلومات

علاوة على علاج الجرحى وحمل السلاح

تنوع دور المرأة الجنوبية في النضال ضد الاستعمار البريطاني، منذ تأسيس المؤتمر العمالي عام 1956، والتحقت العديد من النساء الجنوبيات بجمعية المرأة العربية، كما التحقنّ بالتنظيمات والكيانات الثورية لثورة 14 أكتوبر 1963كفاح مستمرولم يتوقف كفاح المرأة ومساهمتها بعد قيام ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، فالتحقت بالتعليم والحياة السياسية لتشارك في البناء والتنمية

فعملت كمعلمة وطبيبة ومهندسة وقاضية

كما شغلت مختلف الوظائف الخدمية وتدرجت وصولًا إلى شغل مناصب وزارية وقيادية

خدمت من خلالها البلد والمجتمع عامة والمرأة بشكل خاص، تقول الشغدري

وتشير إلى أن المرأة دعمت الاقتصاد من خلال حضورها في ميدان العمل

كما قدمت صورة إيجابية لقوة ووعي وثقافة المرأة اليمنية في مجالات الإبداع والتنمية ونقد النظام السياسي

حيث كانت بمثابة العين الثالثة ترصد وتقيّم وتدعو للتطوير والتحسين ومكافحة الفساد

وفي أجواء ثورة الشباب 11 فبراير 2011، توضح الشغدري توافق الناشطات النسويات على أهمية تفعيل دور المرأة

من خلال العمل على جعل أهداف الثورة الشبابية السلمية بمثابة ميثاق الشرف السياسي والثوري

ما عزز حضور النساء وفرض الكوتا النسائية في مؤتمر الحوار الوطني، باعتباره حق أصيل في الشراكة السياسية

وخلال سنوات الحرب التي اندلعت نهاية عام 2014، رفضت المرأة اليمنية البقاء في الهامش

فأسست كيانات ومنتديات نسوية

بينها شبكة التضامن النسوي، والتوافق النسوي اليمني للسلام والأمن الذي تم تأسيسه بدعم من الأمم المتحدة، وغيرها من التكتلات الفاعلة

كما شاركت في عديد أنشطة داعية إلى السلام ووقف الحرب ورفع المظالم ووقف الانتهاكات على جانبي الصراع

————–تم نشر هذه المادة وفقًا لمذكرة تعاون بين «المشاهد» و منصة هودجليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير