هل فات الأوان لليمن للتصدي للتغيرات المناخية؟

منذ سنة

تعز -سحر محمد : قد يكون من الصعب التفكير في مستقبل أفضل لبلد يعيش تحديات هيكلية متراكبة، يأتي في مقدمتها الصراع الذي نسف عقودًا من التنمية لبلد كان يحتل مراتب متأخرة في مؤشرات التنمية حتى قبل اندلاع الصراع

وبحسب الخبراء كان من الصعب على الدولة تحقيق تقدم في أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 حتى في ظل سيناريو السلم

تأتي التغيرات المناخية لتضيف المزيد من التحديات أمام اليمن، تلك الدولة النامية التي تفتقد إلى المرونة اللازمة التي تعزز قدراتها للتصدي لتبعات التغيرات المناخية الناتجة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض بأكثر من درجة ونصف مئوية عن عصر ما قبل الثورة الصناعية

تسجيل أعلى درجة حرارة في التاريخوبحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيرالمناخ، تساهم الغازات الدفيئة وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفوري في عملية الاحتباس الحراري، تقول إليني ميريفيلي، الرئيس العالمي لشؤون الحرارة في الأمم المتحدة ومركز أرشت-روك للمرونة ل”المشاهد” هذا العام تم تسجيل أعلى درجة حرارة

وبحسب الدراسات التي قام بها العلماء لدراسة درجة الحرارة عبر التاريخ البشري فقد توصلوا إلى أن البشرية اليوم تتعامل مع مستوى درجات حرارة غير مسبوق

“درجة حرارة الأرض التي ارتفعت أكثر من درجة مئوية عن عصر ما قبل الثورة الصناعية أدت إلى تغيرات مناخية أثرت على مناحي الحياة” بحسب حديث تشير ميرفيلي ل”المشاهد”

وتتابع “أصبحت المجتمعات أكثر إدراكًا للتغير المناخي بسبب موجات الحرارة التي أصبحت أطول وأكثر تكرارًا؛ لكن هناك تبعات أخرى مثل الجفاف والفيضانات، فارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة التبخر وتكثيف الرطوبة مما يزيد من فرصة هطول الأمطار بكميات كبيرة مسببة فيضانات”

السيناريوهات المستقبلية للتغير المناخي في اليمنالتغيرات المناخية الناتجة عن زيادة درجة الحرارة أصبحت واقعًا يشعر به اليمنيون

فقد كشف تقرير حديث تم إطلاقه ومناقشته في ندوة جانبية في الثاني من ديسمبر الجاري ضمن فعاليات مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين Cop 28 المنعقد في دبي في الفترة من 30 نوفمبر وحتى 12 من ديسمبر، أن اليمن تشهد تغيرات مناخية ناتجة عن ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض في كثير من المناطق، فقد أثبتت البيانات تزايدًا خطيًا واضحًا لدرجة حرارة الأرض على مدى الستين عامًا الماضية، ومن المتوقع أن تستمر الحرارة في الارتفاع في الفترة ما بين 2030 و 2050

شارك في إعداد التقرير العديد من الجهات والمنظمات من بينها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع باحثين من مركز فريدريك س

باردو للمستقبل الدولي، وكلية جوزيف كوربل للدراسات الدولية، وجامعة دنفر، وجامعة ولاية أبالاتشيان

ناقش التقرير السيناريوهات المستقبلية لتغير المناخ في اليمن وأشار إلى أن ارتفاع درجة الحرارة سيؤثر على قطاعات حيوية على رأسها الزراعة، وتشهد الأمطار الموسمية خلال الصيف على المناطق الجبلية وساحل البحر الأحمر زيادة في الوقت الحالي، ومن المتوقع أن تزداد على مدى العقود القادمة

ورغم أن الزيادة في نسبة الأمطار ليست حتمية في كل مناطق اليمن إلا أنه من المرجح أن تشهد اليمن فيضانات وتغيرات في أنماط هطول الأمطار، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا على المحاصيل الزراعية

ويقول الدكتور أنور نعمان، الباحث و منسق المشروعات ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP ل”المشاهد”: “التغير في مواسم الأمطار يشعر به المزارعون حاليًا وأصبح يؤثر على قدرتهم على التكيف، ومن المتوقع أن يشهد قطاع المياه تأثرًا واضحًا وبانتظاره سيناريوهات أكثر تطرفًا من حيث تذبذب الأمطار وزيادة كثافتها بحسب الدراسات المشابهة التي قمنا بتنفيذها”

حين تتأثر القطاعات الحيوية جراء التغير المناخي يتسبب ذلك في التأثير بشكل أساسي على التنمية، وقد كشف التقرير عن توقعات بتراجع النمو الاقتصادي بشكل تدريجي، ووفق سيناريو تغير المناخ حتى العام 2060، من المرجح أن يتراجع الناتج المحلي بمقدار 93 مليار دولار، مما سوف يترتب عليه زيادة نسبة الفقر بمقدار 25% كما ستظهر تأثيرات سلبية على المدى الطويل على قطاعات الصحة والتغذية

فمن المرجح أن يكون هناك 3

8 ملايين شخص إضافي يعانون من سوء التغذية في حال استمرت درجة الحرارة في الارتفاع ضمن سيناريو تغير المناخ لعام 2060

هل فات الأوان؟رغم أن اليمن من البلدان الأقل نموا والأقل إسهامًا في الانبعاثات الناتجة عن النشاط البشري وحرق الوقود الأحفوري، إلا أنها من أكثر البلدان التي ستعاني من تبعات التغير المناخي وقدراتها على التكيف لا تزال محدودة

لكن بحسب التقرير لا يزال هناك فرصة لبناء الصمود إذا ما تضافرت الجهود الجادة نحو بناء المرونة المجتمعية، في تصريحات ل”المشاهد” تقول تيلور هان المدير المساعد للتطوير في جامعة دينفر إحدى الجامعات المشاركة في إعداد التقرير أثناء استعراض النتائج خلال الندوة المنعقدة ضمن فعاليات كوب 28 “سيستمر تغير المناخ بالدفع نحو الفقر والموت جراء موجات الحرارة المتطرفة، ولا شك أن الأطفال والنساء سيكونون في الخطوط الأمامية نتيجة ضعف الوصول للمياه النظيفة وسوء التغذية، ولكن لاتزال أمامنا فرصة للسيطرة على الوضع في ظل سياسات متكاملة وجهد مشترك من قبل جميع الفاعلين من حكومة ومنظمات ودول مانحة ومجتمع مدني، قد نتمكن من تحقيق تصالح يضمن الاستقرار وتهدئة الصراع”

بناء المرونةيشير سيناريو بناء المرونة المجتمعية بحسب التقرير إلى التسريع في عدة مجالات رئيسية يأتي على رأسها إدخال تحسينات لعائدات الزراعة وتحسين الوصول للمياه والكهرباء وإنتاج الطاقة المتجددة واستعادة نظام التعليم المتدهور نتيجة الصراع إلى جانب زيادة التحويلات المالية للفئات الضعيفة وزيادة العمالة النسائية

تعد زيادة فعالية الحكومة وتعزيز الاستراتيجيات الوطنية عاملًا هامًا وأساسيًا للمضي قدمًا في التكيف وبناء آليات الصمود المجتمعي، ما أكد عليه ل”المشاهد” عبد الواحد عرمان رئيس وحدة تغير المناخ وأحد المتحدثين في الندوة الجانبية المعنية بمناقشة التقرير قائلًا: “يعتبر غياب الاستراتيجيات المتكاملة التي تشمل تغير المناخ في عدد من الوزارات الحيوية والزراعة أحد أهم التحديات الراهنة”

في ذات السياق يضيف معين عبد الملك، رئيس الوزراء في الحكومة المؤقتة المشارك في افتتاح الندوة المنعقدة ل”المشاهد”: “يعد مؤتمر الأطراف فرصة ممتازة للتفاوض حول الحصول على تمويلات مختلفة لمشروعات الأمن الغذائي والصحة والتي تقع ضمن الاتفاقيات الإطارية لتغير المناخ”

ويتابع أنهم يعملون حاليًا على تفعيل الوحدات التنفيذية للتغير المناخي وأن هناك خطة لرفع القدرات لاستيعاب التمويلات المناخية وتحقيق أقصى استفادة”

وخلص التقرير إلى أنه في ظل سيناريو بناء المرونة المجتمعية وتضافر جهود شركاء التنمية، من الممكن تحقيق نمو اقتصادي تراكمي يصل إلى 360 مليار دولار مما سيؤدي إلى زيادة إجمالي الناتج المحلي بنسبة 27%

ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير