همدان العليي : لماذا يقولون إن ‘‘الزيدية أقرب إلى السنة’’؟
منذ 2 ساعات
همدان العليي تكرار البعض للعبارة القائلة إن الزيدية هي أقرب المذاهب إلى أهل السنة، يشير –غالبا- إلى قصور معرفي عند من يرددونها، حتى لو قدموا أنفسهم كعلماء دين وباحثين ومثقفين وحقوقيين
هذا لأن قولهم ناتج عن انطباع تكون لدى كثير من الناس خلال العقود القليلة الماضية، لا عن معرفة تاريخية بما يسمى الزيدية كما كانت قبل ثورة 26 سبتمبر 1962 وكما تثبت ذلك مراجع الزيدية نفسها
بقصد ودون قصد، يحرص أصحاب هذا الطرح على عدم التفريق بين الزيدية التاريخية بوصفها وسيلة تتخذها سلالة للوصول إلى الحكم مستخدمة دماء وأشلاء اليمنيين، وبين الزيدية الضاحكة المسالمة التي ظهرت بعد سقوط الإمامة في ستينيات القرن الماضي، وهي مرحلة تكيف فيها رموز الفكر الزيدي مع الواقع الجمهوري الجديد القائم أصلا على رفض جوهر الزيدية
أي حكم آل البيت وتمييز السلالة وخرافة الولاية
لجأ رموز ما يسمى بالزيدية (وهم من السلالة غالبا) إلى مسايرة الواقع الجديد، واستخدموا ما يمكن وصفه بـالتقية السياسية والفكرية، بهدف الاندماج الظاهري مع الدولة الجمهورية
اضطروا لتوزيع الابتسامات الصفراء في كل مكان
لأنه مع قيام الجمهورية سقط الامتياز السلالي السياسي والاجتماعي والاقتصادي (جوهر الزيدية)، وهذا يعني تفكيك الإطار العملي للمذهب، لأن المجتمع لم يعد في ظل سلطة تقوم على التمييز العرقطائفي
ومع مرور السنوات، نشأ جيل ما بعد الثورة الذي لم يعش مرحلة تطبيق المنهج الزيدي الحقيقي (العنصري/الدموي) على الواقع، وهذا ما جعل إدراكه وفهمه للزيدية منقوصا ومشوها، خاصة وهو -هذا الجيل- لا يعرف شيئا عن طبيعة المعتقد والعنف المرافق له تاريخيا ودوره في صناعة الحروب والفتن والمعاناة في اليمن
وعندما عادت المنظومة السلالية ممثلة بالحوثيين للسيطرة على العاصمة اليمنية في 2014، وجدت نفسها قادرة على إسقاط قناعها المبتسم والمتعايش مع الآخر، وجاهر أبرز مراجعها أمثال محمد عبدالعظيم الحوثي بالمعتقدات العدائية الإقصائية نفسها بعدما يقارب نصف قرن من التخفي والتقية والخطاب الناعم
فهل من مُدّكر؟