واقع الصحافة الاستقصائية في اليمن
منذ 6 أشهر
تعز- ماجد الطيارفي بلد يعاني أزمات متلاحقة، تبرز الصحافة الاستقصائية كأداة ضرورية لكشف الحقائق وتعزيز الشفافية
في اليمن، يلعب الصحفيون الاستقصائيون دورًا محوريًا في تسليط الضوء على القضايا التي تؤثر على حياة المواطنين
فاروق الكمالي واحد من الصحفيين الاستقصائيين الذين كرسوا حياتهم لكشف الحقائق ونقلها إلى الجمهور في اليمن
بدأ الكمالي مسيرته في الصحافة الاستقصائية عام 2012 مع شبكة أريج، حيث تلقى تدريبًا مكثفًا عن الصحافة الاستقصائية، وكان ذلك التدريب نقطة تحول في مسيرته المهنية
أنتج الكمالي أول تحقيق له عن تلوث المياه في الريف وعلاقته بانتشار الفشل الكلوي
لم يكن فاروق يعمل في وسيلة صحفية حزبية، ما فرض عليه نقل الحقيقة التي تحاول الأطراف السياسية والحزبية إخفاؤها
يقول لـ “المشاهد”: “أقول ما أراه، لا ما يريدون”
يركز فاروق في تحقيقاته على القضايا التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الناس
يقول: “أبحث دائماً عن القضايا التي تؤثر على حياة الناس بشكل مباشر، لأن هذه القضايا هي التي تترك أثراً حقيقياً عند نشرها”
يعتمد الكمالي على الطرق القانونية لجمع المعلومات من مصادر مفتوحة ومغلقة، بالإضافة إلى استخدام أدوات تتبع متقدمة لتحقيق الدقة والمصداقية
على الرغم من أنه لا يعتمد على أدوات الذكاء الاصطناعي في صياغة النصوص، إلا أنه يستخدمها بمهارة لتتبع القصص والحالات في مناطق معينة
تلعب الصحافة الاستقصائية دورًا حيويًا في تعزيز الشفافية والمساءلة ومحاربة الفساد في المجتمعات
في اليمن، ويؤكد الصحفي الكمالي على أهمية الصحافة الاستقصائية كأداة قوية لتعزيز ثقافة المساءلة ومكافحة الفساد
من خلال التحقيقات المعمقة، يتمكن الصحفيون من كشف الحقائق وتقديمها للجمهور، ما يعزز من وعي المجتمع، ويشجع على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الفساد والممارسات غير القانونية
التحدياتثمة تحديات تواجه الصحفي الاستقصائي في اليمن
يقول الكمالي: “أكبر التحديات التي واجهتها كانت عدم تعاون المختصين، وعدم القدرة على دفع تكاليف العمل على التحقيقات، لكن هذه التحديات زادتني إصراراً على تحقيق أهدافي”
يوضح الكمالي أن الصحفيين في اليمن يفتقرون إلى الدعم المالي الذي يمكنهم من القيام بتحقيقات استقصائية معمقة، مؤكدًا أن نقص التدريب والتأهيل المهني للصحفيين يؤثر على جودة التحقيقات الصحفية في ظل المخاطر الكبيرة التي يواجهها الصحفيون في اليمن، بسبب غياب القوانين التي تحميهم
ويشير إلى أن الوضع الأمني المتدهور يجعل من الصعب على الصحفيين القيام بعملهم بأمان، بسبب انتشار السلاح والعصابات المسلحة
لكن تلك التحديات لم تكن سببًا للاستسلام، بل حافزًا للمزيد من الإصرار على تحقيق الأهداف
تأثير الصحافة الاستقصائيةتمكنت التحقيقات الاستقصائية في اليمن من تسليط الضوء على مجموعة واسعة من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين
على سبيل المثال، تناولت التحقيقات قضية تلوث مياه الشرب في المناطق الريفية، حيث كشفت عن العلاقة بين تلوث المياه والفشل الكلوي الذي يعاني منه العديد من السكان
وسلطت الضوء على مشكلة تزوير العلامات التجارية للأدوية والمنظفات والأغذية، ما يعرض صحة المواطنين للخطر
بالإضافة إلى ذلك، تناولت التحقيقات قضايا العبث بالمناطق الأثرية والبسط عليها، ما يهدد التراث الثقافي والتاريخي للبلاد
كما كشفت عن حالات انتحال صفة الأطباء وإجراء عمليات جراحية تسببت بعاهات دائمة دون الحاجة لذلك، ما يعكس الفوضى في القطاع الصحي
ولم تتوقف التحقيقات عند هذا الحد، بل ناقشت أيضًا قضايا تسليع الخدمات الطبية وبيع الإغاثة الدولية في السوق السوداء
وتناولت التحقيقات قضايا تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة وتهريب المشتقات النفطية، ومشكلة التلوث النفطي والحبس الاحتياطي، واستمرار تقييد الحريات في السجون
الحاجة إلى الدعم والتمويلفي ظل التحديات الكبيرة التي تواجه الصحافة الاستقصائية في اليمن، يصبح الحصول على الدعم والتمويل أمرًا حيويًا لضمان استمرار هذه المهنة الهامة
الصحفيون الاستقصائيون يعملون في ظروف صعبة، حيث يفتقرون إلى الموارد المالية والتدريب المهني اللازمين للقيام بتحقيقات معمقة وموثوقة
الدعم والتمويل للصحافة الاستقصائية ليس فقط ضرورة ملحة، بل هو استثمار في مستقبل اليمن
من خلال دعم الصحفيين الاستقصائيين، يمكننا تعزيز الشفافية والمساءلة، وكشف الفساد، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين
إن الصحافة الاستقصائية القوية والمستقلة قادرة على إحداث تغيير إيجابي في المجتمع، وتسليط الضوء على القضايا التي تحتاج إلى اهتمام عاجل
يقول الكمالي: “حاليًا يرتبط الدعم للصحفي من خلال قبول الطرف الممول للفكرة الصحفية واقتناعه بفرضية التحقق، وهذا يخلق بطئًا كبيرًا في حصول الصحفي على التمويل
” ويضيف: “يحتاج اليمنيون إلى وجود وحدة أو مؤسسة تدعم التحقيقات الاستقصائية اليمنية لأنها ستكون معنية باليمن، وبالتالي قبول أكبر قدر من الأفكار الصحفية
”نصائح للصحفيينينصح الكمالي الصحفيين الاستقصائيين في اليمن بالاستفادة من الدورات التدريبية المتاحة على الإنترنت، والمشاركة في ورش العمل والمؤتمرات الدولية لتعزيز مهاراتهم ومعرفتهم بأحدث التقنيات والأدوات في مجال الصحافة الاستقصائية
يقدم فاروق الكمالي بعض النصائح للصحفيين الشباب الذين يرغبون في دخول مجال الصحافة الاستقصائية، ويقول: “يجب أن يكون لديك شغف بالبحث عن الحقيقة ورغبة قوية في كشف الفساد والممارسات غير القانونية
يجب على الصحفيين أن يكونوا مستعدين للعمل بجد والتعلم المستمر، وأن يكونوا قادرين على التعامل مع التحديات والمخاطر التي قد تواجههم
كما يشدد على أهمية الالتزام بالأخلاقيات المهنية والحرص على الدقة والمصداقية في جميع التحقيقات”
التفاؤل بالمستقبلعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه الصحافة الاستقصائية في اليمن، يبقى الكمالي متفائلًا بمستقبل هذه المهنة، ويقول: “أعتقد أن الصحافة الاستقصائية في اليمن ستستمر في النمو والتطور، خاصة إذا تم توفير الدعم اللازم للصحفيين
هناك حاجة ماسة لإنشاء مؤسسات تدعم الصحافة الاستقصائية وتوفر التدريب والتمويل اللازمين للصحفيين، للإسهام في تعزيز الشفافية والمساءلة في المجتمع”
ليصلك كل جديدالإعلاميون في خطرمشاورات السلام كشف التضليل التحقيقات التقارير